باستثناء حالة الترقب للحوار الجاري في مجلس النواب الذي تتضاءل الآمال في التعويل عليه كإطار قادر على اجتراح الحلول المرحلية التي تساهم في تحصين الساحة اللبنانية وحمايتها من المخاطر الداهمة التي تهدد أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك، لا تزال الأمور مقتصرة على تبادل الأفكار وحتى هذه اللحظة لم تنجح بعد كافة الأطراف الخارجية المؤثرة في لبنان في التوصل إلى صيغة معينة للخروج من الوضع اللبناني المأزوم الذي تفاقم حدة على أثر الحراك المدني الشعبي وما نتج بعده من مطالبة باسقاط النظام السياسي ومساءلة جميع الأطراف المشاركة في السلطة عن ارتكاباتها في هدر المال العام وتعميم ثقافة وممارسة الفساد كوسيلة دائمة لتثبيت نفوذها ومكتسباتها السياسية والإجتماعية على حساب بقية الشعب اللبناني الذي يئن من وطأة الأعباء المعيشية والإجتماعية والإقتصادية التي كانت ولا تزال السبب الرئيسي لانطلاق الإنتفاضة الشعبية المدنية التي تزداد قوة وتجذرا وتمددا، هذا ما قالته مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت التي توقعت بأن تشهد فترة ما بعد انتهاء عطلة عيد الاضحى المبارك حركة ناشطة من المشاورات والإتصالات لبلورة صيغة مقبولة من كافة الاطراف للخروج من الأزمة الراهنة وتحصين لبنان وأمنه واستقراره من العواصف المقبلة خصوصا في ظل توقعات دولية وإقليمية أن تشهد الأزمة السورية في مطلع الأشهر القادمة تطورات حاسمة بشأن ملف الأزمة السورية وهذا ما يتطلب من المجتمع الدولي وبالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين بذل المزيد من الجهود لمنع وقوع لبنان ضحية الأزمة السورية.
المصادر أشارت الى ان هذا الحراك باتجاه المسؤولين اللبنانيين يأتي ضمن سياق المشاورات الإقليمية الدولية التي تركز على بحث مستجدات الوضع في لبنان على ضوء تطورات الأزمة السورية بعد الدخول الروسي العسكري على خط الأوضاع في سوريا وتطوراتها السياسية والعسكرية وسبل التعاون والتنسيق في هذا الموضوع في ضوء حساسية وهشاشة الأوضاع فى هذا البلد وانعكاسه على الأوضاع الإقليمية، والجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار فى لبنان ومنع حصول انتكاسة في أوضاعه الملتهبة من شأنها أن تفاقم حدة التأزم وتأجيج الصراع الدائر على أكثر من ساحة لا سيما المذهبي السني – الشيعي في كل المنطقة.
وشددت على أن أولوية الحراك الدبلوماسي باتجاه وطن الأرز تبقى لدعم الجيش اللبناني وتعزيز امكانياته الإستخبارتية والأمنية والعسكرية لمواجهة الخطر الإرهابي التكفيري الذي نجح بدعم من بعض القوى الإقليمية المتحالفة مع بعض القوى اللبنانية بالتغلغل في النسيج الإجتماعي لبعض المناطق اللبنانية السنية الفقيرة بالإضافة إلى المخيمات الفلسطينية، الأمر الذي ادى إلى نجاح التنظيمات الإرهابية التكفيرية في اثبات حضورها لبنانيا في السنوات الأخيرة، وعليه فأن البيئة الحاضنة والمتفاعلة على الأراضي اللبنانية مع نهج هذا الفكر الإيديولوجي الظلامي الذي يكفر ويبيح قتل وسفك دماء أي شخص يختلف عنه، سوف تبقى سيفاً مسلطا على أمن واستقرار اللبنانيين الذيين سيواجهون مزيدا من التحديات الأمنية المرتبطة بما يجري من حرب عالمية جديدة لمحاربة الإرهاب التكفيري انطلاقا من الأرض السورية.
وفي أطار متصل، تتوقع المصادر عينها أن تشهد الأسابيع القادمة تطورات بارزة على صعيد الأزمة السورية من شأنها أن تحمل انعكاسات مباشرة على الوضع اللبناني القابع على رصيف انتظار تطورات الوضع الإقليمي عموماً والوضع السوري خصوصاً الذي لا يزال محموماً في ظل تلاحق التطورات الميدانية في سوريا والتي تواكبها تطورات سياسية لا تقل شأناً عن الأوضاع الميدانية للمعارك الجارية على الأرض، وفي ظل التقارير الأمنية التي تتحدث عن مخاوف حقيقية من امكانية حصول تصعيد عسكري غير مسبوق ودخول أسلحة أكثر تطورا وفتكا في الحرب الجارية في سوريا بكل تشعباتها وتعقيداتها الداخلية والإقليمية والدولية. وتشير التقارير الدبلوماسية نفسها الى أن التخوفات الجدية مستمرة وبقوة من تصاعد الإنتهاكات المتـكررة للحدود اللبنانية من قبل المسلحين الأصوليين ضمن كواليس القوى الدولية والإقليمية المعنية بمتابعة الأوضاع المتدهورة على الحدود بين البلدين، خصوصاً أن هذه التقارير تتحدث عن معلومات جدية في وجود سيناريوهات مرسومة تأخذ في عين الإعتبار امكانية استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لزيادة الضغوط على النظام السوري ضمن مسار دخول الأزمة السورية في مرحلة الحسم التي بدأءت القوى الدولية المنضوية ضمن إطار ما يسمى بتحالف محاربة الإرهاب بالتحضير لإطلاقها.
وكشفت المصادر عن معلومات مفادها بأن الأيام المقبلة وحتى نهاية هذا العام ستزخر مفكرة المعنيين في لبنان بسلسلة من المواعيد المتواصلة، لسفراء عرب وغربيين من الدول الكبرى المنغمسة بعمق في الملف اللبناني، في مهمات استطلاعية يجمع بينها قاسم مشترك عبارة عن سؤال واحد، كيف سيتعامل لبنان الرسمي في حال حصول تطور دراماتيكي سريع على صعيد الأزمة السورية؟ وستتركز اسئلة الديبلوماسيين الذي يبدون تخوفا ملحوظا من التطورات المرتقبة، على المعطيات التي يمكن ان توفرها الأجهزة الأمنية حول استتباب الوضع الامني وكيفية معالجة اي خرق يحدث خللاً على المستوى اللبناني، وما هي توقعات المسؤولين اللبنانيين وقراءتهم للأوضاع في لبنان في مرحلة ما بعد الحرب الضروس التي ستنطلق على كل محاور القتال من أجل اجتثاث الإرهاب التكفيري من أرض سوريا وما هي الإنعكاسات المحتملة والمخاطر المحدقة وما هي الإجراءات المطلوبة لمنع وتدارك وقوع حادث أمني من شأنه أن يأخذ البلاد نحو الفتنة المذهبية السنية – الشيعية التي ان وقعت ستصل امتداداتها إلى كل المنطقة.
وبحسب قراءة هذه المصادر فأن المسؤولين اللبنانيين يتعاملون مع المعطيات الجديدة التي تفرضها الأزمة السورية على الساحة اللبنانية بحذر وبتؤدة شديدين، خصوصا في ظل ادراك الجميع للوضع العام المقلق، وخصوصاً أيضاً أن السيناريوهات الواضحة لم توضع بعد بشأن مرحلة ما بعد دخول روسيا بكل ثقلها العسكري الإستراتيجي لمحاربة الإرهاب على أرض سوريا لأنه لا أحد يدرك بعد ما هي أبعاد مرحلة هذا التطور الجديد ولا المروحة التي سيطاولها، وخصوصاً أن الأطراف الأساسيين في لبنان يأخذون بعين الإعتبار المؤثرات والمعطيات الإقليمية والدولية التي مازالت حتى هذه اللحظة تراعي تجنيب لبنان الإنهيار ومنع تصدير العواقب الوخيمة للأزمة السورية باتجاه خرق الساحة اللبنانية وجرها نحو الفوضى والحرب الأهلية.