لم تستبعد مصادر ديبلوماسية اجنبية في بيروت ان يكون اعلان المرشد الايراني علي خامنئي نهاية الاسبوع الماضي للمرة الاولى منذ الاعلان عن الاتفاق الاطار بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا وايران بعدم وجود ضمانات من اجل التوصل الى اتفاق نهائي في نهاية حزيران المقبل مرتبطا جزئيا بالمواقف الدولية والاميركية تحديدا من ازمة اليمن والحملة العسكرية السعودية على الحوثيين. فمع ان المبررات التي عرضها المرشد ترتبط برغبة طهران في الغاء العقوبات الدولية على ايران فور التوقيع على الاتفاق وهذه نقطة لا تزال غير محسومة بعد ويفترض مناقشتها في الاشهر المقبلة، فان هذه المصادر تعتقد ان مدة الاشهر الثلاثة المقبلة الفاصلة عن توقيع الاتفاق النهائي ستكون حافلة بالضغوط التي يمكن ان تضعف موقف طهران او تقوي موقف الولايات المتحدة في المقابل. فايران استطاعت ان تنجز كثيرا من طموحاتها في المنطقة من دون اي تعليق سلبي من الولايات المتحدة خلال سنة ونصف سنة على المفاوضات النووية طمعا من اميركا بعدم استفزاز ايران من اجل الا ترفض المضي نحو الاتفاق الذي يعني الكثير للرئيس الاميركي باراك اوباما انجازه قبل انتهاء ولايته. اما وقد وضع الاتفاق الاطار في 2 نيسان الجاري غداة حملة عسكرية تقودها السعودية لتحالف من دول المنطقة فيما اعلنت الولايات المتحدة دعمها لهذه العملية، فانما يشير الى ان ايران تشعر بانها فقدت ورقة مساومة قوية هي ورقة الاستفادة من المفاوضات النووية بحيث ان الولايات المتحدة قد تتبدل حساباتها بناء على ضغوط حلفائها في المنطقة بما لا يسمح لها بمسايرة ايران في كل طموحها الاقليمي. وهو ما سمح لسكرتير البيت الابيض جوش ارنست في رده على السناتور جون ماكين الذي انتقد موقف الادارة الاميركية من الاتفاق النووي بناء على اقوال خامنئي بالقول: “من السذاجة والتهور ان يصدق جون ماكين كل كلمة ترد في خطابات المرشد الاعلى السياسية. يجب الا يصدق ماكين”، ذلك علما ان موقف خامنئي بدا مناقضا لكل من الترحيب الايراني الكبير بالاتفاق على السنة مسؤولي الحرس الثوري كما على السنة زعماء من المتشددين معتبرا ان التهنئة سابقة لاوانها.
فالرئيس الاميركي اعلن عن اجتماع مع دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد قبل انتهاء مدة الاشهر الثلاثة لوضع الصياغة النهائية للاتفاق حول النووي الايراني. وتجد المصادر الديبلوماسية تحرر الولايات المتحدة من المخاوف على انجاز اتفاق النووي والتحالف مع دول الخليج من اجل ردع طموحات ايران التوسعية بالاضافة الى واقع ان ميزان القوى في العراق لم ينقلب لصالح الحكومة العراقية وداعمتها ايران لولا الولايات المتحدة، كل ذلك يساهم في زيادة المخاوف الايرانية من اشتداد عضد الدول الخليجية في وجهها في العواصم التي قال مسؤولون ايرانيون ان بلادهم سيطرت عليها في المنطقة خصوصا في اتجاه سوريا. وفيما لا يخفى ان ايران تسعى الى ان تقر الولايات المتحدة بنفوذها في المنطقة بحيث ان الربح او الخسارة يرتبطان بقوة الى جانب اي جهة يمكن ان تقف الولايات المتحدة او ترجح كفتها اي جهة الانفتاح الجديد مع ايران او جهة المحافظة على حلفائها الخليجيين وارضائهم من خلال المساهمة في ردع ايران كما حصل بالنسبة الى تأييد العملية السعودية في اليمن.
وفي رأي مصادر سياسية انه وعلى رغم الاعتقاد انه ايا تكن المكاسب التي تحصل عليها ايران في اليمن يعتبر قيمة مضافة اليها باعتبار ان اليمن بعيد على غير ما هو العراق او سوريا بالنسبة اليها لجهة المحافظة على قوة “حزب الله” واستمراره في لبنان، فان رد الفعل الذي ابدته ايران ازاء اليمن اظهر تخبطا كبيرا على نحو يماثل ما حصل بالنسبة الى البحرين قبل اعوام قليلة لكن اضيف اليه ضعف في المنطق والخطاب على حد سواء ساهمت فيه المواقف الدولية الى حد بعيد، اذ ان كبرى الدول ايدت الحملة العسكرية السعودية على اليمن فيما ان الامم المتحدة على لسان امينها العام بان كي مون استعاد مرارا وتكرارا رفض الحوثيين للحوار الذي كان برعاية المنظمة الدولية وافشالهم له. كما ان تورط ايران في الدفع نحو دعم الشعوب المظلومة وفق الخطاب الذي يرفعه مسؤولوها دعما للمعارضة الشيعية البحرينية كما توريط “حزب الله” من لبنان في الموضوع نفسه ابطله التورط الايراني المباشر كما عبر الحزب دعما لنظام الرئيس السوري بشار الاسد. فالخطاب الذي استعيد بالنسبة الى اليمن تحت عنوان رفض العدوان على اليمن او التدخل في اي بلد ينقضه واقع التدخل الايراني في اليمن، وكذلك الامر بالنسبة الى الذريعة بان المسؤولية الدينية او الاخلاقية لا تسمح لايران او للحزب بالسكوت عما يتعرض له اليمن يضعفه الموقف المتواصل من دعم النظام السوري الذي بات مسؤولا عن مقتل اكثر من ربع مليون سوري فيما لا تبدي ايران اي اسف على الضحايا السوريين ولو بذريعة استهدافهم من التنظيمات المعارضة. وهو ما سلط الاهتمام على عزلة ايران في المنطقة فحاولت مواجهتها ولا تزال بالاسلوب الهجومي الذي اتبعته ما ساهم في رفع وتيرة التوتر اكثر على غرار ما برز في لبنان في شكل خاص ما كان سيهدد بتعريض ساحة اضافية من الساحات التي تعتبرها ايران من مناطق نفوذها الى الاضطراب.