IMLebanon

لماذا لا تصلبون البابا؟!

منتهى الوقاحة ان يتلقى البابا فرنسيس رسالة من ٧١ حاخاماً اسرائيلياً تطالبه بالاعتذار عن اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين في غضون اسبوعين، وإلاّ حوكم أمام محكمة يهودية عليا في العشرين من الشهر الجاري!

ومنتهى القباحة والتقصير اننا لم نقرأ حتى الآن سيلاً من الردود والإدانات المناسبة والضرورية من العالم على هذه الفظاظة الصهيونية غير المسبوقة، وخصوصاً بعد وصول الرسالة من الحاخامين الذين يعتبرون أنفسهم حكماء يمثلون امتداداً للمحكمة الدينية العليا التي أدارت شؤون اليهود في مراحل تاريخية.

لست أدري لماذا لم يرسل هؤلاء مذكرة جلب الى البابا فرنسيس، لأن الفاتيكان لا يعتذر الى مجموعة من المحتلين الغاصبين الذين يضعون الشعب الفلسطيني على صليب التشرد والتيه والتنكيل، ويحاولون اقتلاعه واقتلاع الدولة الفلسطينية من التاريخ والجغرافيا على السواء!

ولست أدري لماذا لا يصلب هؤلاء بابا روما كما صلب أجدادهم السيد المسيح، لكن الفجور يتضاعف عندما نعلم ان الحاخامين تعمدوا توجيه رسالتهم الى البابا عندما كان بنيامين نتنياهو في ايطاليا، بما يعني ضمناً انه يوافق عليها وهو الذي استشاط غضباً في ايار الماضي وهو يشاهد البابا فرنسيس يعانق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويصفه بأنه “ملاك السلام”.

يومها كان هذا العناق مؤثراً جداً فليس من عادة البابوات احتضان زعماء الدول، ولهذا بدا كأنه يحتضن القضية الفلسطينية، التي تمثّل أقدم وأقدس قضايا الشعوب المحقة في العالم والتي تعاني جرائم الإحتلال الأسرائيلي من ٦٧ عاماً، وتكاد ان تصبح منسية في الدول التي تتشدق بحقوق الإنسان وفي المنطقة العربية التي تتضرّج في جنونها ودمائها هذه الأيام.

العناق بين البابا وعباس جاء بعد عامين من اعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية وفي مناسبة تطويب الراهبتين الفلسطينيتين ماري الفونسين غطاس [١٨٤٦ – ١٨٧٨] ومريم بواردي [١٨٤٦- ١٨٧٨] بما يعني قياساً بالتاريخ ان أرض فلسطين عرفت القداسة قبل قيام الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي صلب المسيح بزمن طويل.

طبعاً ليس من قيمة قانونية لرسالة هؤلاء الحاخامين الوقحة، لكنها تمثل مؤشراً واضحاً يعكس سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تمضي في التوسع والتهويد وتدمير أي فرصة ممكنة للتسوية السلمية، وخصوصاً عندما توجّه الرسالة الوقحة الى الفاتيكان في وقت يتلازم مع وجود نتنياهو في ايطاليا.

الاتفاق بين الفاتيكان والدولة الفلسطينية ينظم العلاقة بينهما في ما يتصل بنشاطات الكنيسة في فلسطين، ويكتسب أهمية عميقة لأنه يؤكّد حضور فلسطين على الخريطة السياسية والجغرافيا العالمية من أعلى منبر في العالم المسيحي، ولهذا يريد القتلة محاكمة البابا وصلبه لو تمكنوا!