IMLebanon

لماذا لا يردّ عون على المرتبطين بالخارج بتأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس؟

لم يعد في الدولة سوى مؤسستين فقط تعملان بانتظام ومسؤولية هما المؤسسة العسكرية والأمنية ومؤسسة مصرف لبنان المركزي. الأولى تحرص على استمرار الأمن والاستقرار وقد نجحت حتى الآن في الحفاظ على ذلك، والثانية نجحت في الحفاظ على الاستقرار النقدي سبيلاً إلى الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد.

لكن السؤال الذي يبقى مثيرا لقلق الناس هو: هل يظل في استطاعة المؤسسة العسكرية والامنية المحافظة على الاستقرار الأمني، ومؤسسة مصرف لبنان المحافظة على الاستقرار النقدي إذا استمر الشغور الرئاسي إلى أجل غير معروف، وأصاب الشلل مجلس النواب والحكومة وانعكس ذلك سلباً على الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد؟

إن الشغور في رئاسة الجمهورية يكاد يصيب مجلس النواب بالشلل لخلاف على تصنيف المشاريع بين ضرورية وعادية وعدم الاتفاق على قانون جديد يتم اقراره لتجرى الانتخابات النيابية على أساسه علّ نتائجها تغير وجوها نيابية تقدم مصلحة لبنان على أي مصلحة لئلا يستمر التمديد لهذا المجلس خوفا من الفراغ المفتوح على كل الاحتمالات، وحكومة تتألف من تناقضات وأضداد تضعها كل يوم على كف عفريت، وكل وزير فيها رئيس يحاول ان يفعل ما يشاء ولا من يحاسب، فكما ان استقالتها ممنوعة خوفا من الفراغ، فإن محاسبتها ممنوعة ايضاً خوفاً من الاستقالة… فإلى متى يظل لبنان يعيش هذا الوضع الشاذ الذي لم يشهده من قبل ولا عاشت في ظله أي دولة سوى الدول، الفاشلة؟ وهل يصبح لبنان من هذه الدول إذا ظل نواب وبأمر من خارج، يعطلون جلسات الانتخابات الرئاسية وبينهم نواب “تكتل التغيير والاصلاح” حتى بعدما سمع الناس باستغراب ودهشة انتقاد العماد عون لكل مرتبط بخارج، ناسيا او متناسيا ان حليفه “حزب الله” مرتبط به؟ فلماذا لا يرد إذاً بتأمين نصاب جلسات الانتخابات الرئاسية التي يعطلها الخارج ليكون منسجما مع نفسه؟

لقد تذكر الناس، وهم يرون هذا الوضع السيئ، قول البابا بينيديكتوس السادس عشر عندما زار لبنان عام 2012 لمسؤولين فيه: “انتبهوا على لبنان إنه في خطر”، وطلب منهم العودة الى ضمائرهم لتجنيبه هذا الخطر وانقاذه، وقيل إن قداسته كان يملك من عواصم القرار معلومات عن ذلك خصوصا عند اندلاع الحرب في سوريا واحتمال امتدادها الى لبنان ولا يكون احد قادرا على ايقافها لأن أي دولة في العالم غير مستعدة لإرسال جيشها لإنقاذ لبنان، من أي حرب داخلية. فما الذي حدث بعد تلك الزيارة المميزة لتأكيد إيمان اللبنانيين وحرصهم على العيش المشترك وعلى فعل الرجاء والمحبة والإيمان برسالة التفاهم والشركة والمحبة؟ وهل يتذكر مسؤولون لبنانيون كلمة السيد المسيح: “لا تسرق” كي لا يصبح الشعب بلا كهرباء ولا ماء ولا طبابة واستشفاء، وربما بلا مدارس. وأيضا كلمة “لا تقتل” وقد أخذ القتل يتم بوحشية وأخطر ما فيه انه يتم على الهوية… وكلمة “لا تكذب” وقد اصبح الكذب ملح السياسة والسياسيين؟

إن آمال اللبنانيّين باتت معلقة على مؤسستين فقط حتى الآن هما: مؤسسة مصرف لبنان بقيادة حاكمها رياض سلامة، وقد اثبت انه خبير الانقاذ في زمن الانهيارات الاقتصادية والمالية والصامد في الحروب المدمرة والحارس الأمين للقطاع المصرفي، والشجاع في التصدي للصعوبات والاخطار عندما تختلط السياسة بالاقتصاد، فأرسى في سياسته وهندسته النقدية مدرسة قادرة على دوزنة عمليات السوق ورفع احتياط المصرف المركزي الى مستويات قياسية وتعزيز صمود القطاع المصرفي وحصانته، وجعل المال الجبان شجاعاً للاستثمار في لبنان، كما جعل النظام المصرفي الثابت نفطاً للبنان، ودعا ولا يزال الى تقليص العجز في الموازنة واشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الحيوية الكبرى مثل قطاع الطاقة، لأن التحدي الذي يواجهه لبنان لا يكمن في مديونيته إنما في تقليص هذا العجز.

ونجحت قيادة المؤسسة العسكرية والامنية في تحقيق الوحدة الكاملة والقوية فيها والتفاف الشعب حولها في التصدي للاخطار على مختلف اشكالها، كما نجحت بتوازنها وحياديتها بين الاطراف المنقسمين سياسيا ومذهبيا في تثبيت هذه الوحدة وجعل شعار “الوفاء والتضحية والشرف”، العقيدة الوطنية التي تعلو على كل عقيدة وعلى كل انقسام، وأن يمارس الجيش دوره بحيادية تامة وهو يقوم بواجبه الوطني بتكليف من الناس اولا، وقد اثبتت التجارب ان وحدته تحمي الشعب والارض والمؤسسات.

فعلى اللبنانيين جميعاً على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم دعمه خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي ينتشر فيها الارهاب لأن الجيش والقوى الامنية إذا عجزا، لا سمح الله، عن ذلك، فلا يبقى وطن، وعندها يبحث اللبنانيون لا عن غربة في وطن بل عن منفى…