IMLebanon

لماذا لا تخصص الحكومة جلسات لملف النازحين؟

اجواء ونتائج جلسة مجلس الوزراء الاخيرة لا تتناسب مع الكلام عن ورشة عمل حكومية مقبلة، لا بل ان الانقسام العامودي الذي شهدته حول ملف النازحين السوريين لا يبشر بالخير او بإمكانية التصدي للقضايا الاساسية الملحة.

صحيح ان النقاش الذي ساد داخل قاعة مجلس الوزراء لم يتجاوز السقف المرسوم لمسار العمل الحكومي، لكن ما جرى يظهر هشاشة الانسجام داخل الحكومة خصوصا بالنسبة للعديد من المشاكل والملفات الحساسة.

وبرأي مصدر سياسي مطلع ان ممارسة سياسة دفن الرؤوس بالرمال بالنسبة لتداعيات قضية النازحين تعني بشكل او بآخر اعفاء الحكومة نفسها من مسؤولية تفاقم هذه المشكلة وهذا بطبيعة الحال ينعكس حكما على مسيرة العهد بصورة عامة.

وبغض النظر عن السجال الذي تشهده اليوم حول وجوب او عدم وجوب التواصل مع الحكومة السورية فإن اعتماد سياسة «التطنيش» يعني تملّص الحكومة من مسؤولياتها تجاه هذه الازمة المستفحلة يوما بعد يوم. ولا يكفي ان نترك كامل الاعباء على الجيش في التعامل مع اخطار «البؤر الارهابية» التي ظهر مؤخرا انها بدأت تتغلل في المخيمات وتجمعات النازحين.

ويرى المصدر ان هذا الملف الساخن يشكل امتحانا حقيقيقا وجديا للحكومة ومسار عملها في الاشهر المقبلة، وبالتالي لا يجوز ان نكتفي بصيانة وتحصين الجسم الحكومي من مضاعفات السجالات حوله.

ويسأل المصدر لماذا لا يخصص مجلس الوزراء جلسة او اكثر للبحث في معالجة هذه المشكلة واتخاذ قرارات واجراءات عملية لتدارك ما هو اخطر من الذي حصل ويحصل؟ ولماذا لا يصار الى تخصيص ورشة عمل ديبلوماسية وسياسية وامنية للتصدّي لهذه الازمة بدلا من اللجوء الى «طفرات» ديبلومايسة لم تؤت اكلها حتى الآن؟

واذا كان هناك خلاف حول التعاطي مع السلطات السورية الرسمية السورية في هذا الشأن فإن الكلام عن حصر التواصل مع الامم المتحدة في هذا الموضوع لا يعدو كونه مجرد الاستمرار في سياسة الهروب الى الامام باعتراف المراجع المسؤولة على اختلاف ميولها. فبالامس القريب لم يخف رئيس الحكومة سعد الحريري ابداء خيبته من ضعف مساعدة المجتمع الدولي للبنان لمواجهة تداعيات واعباء مشكلة النازحين، لا بل ان وزير الخارجية جبران باسيل عبّر في مناسبات عديدة عن الانزعاج والاستياء من سياسة الدول المانحة والمجتمع الدولي حيال هذه المشكلة.

من هنا، يرى المصدر، ان الرهان على الامم المتحدة هو رهان مشكوك فيه، ولا بد من اعتماد خطة واضحة وناشطة ترتكز على ثلاثة محاور:

1- بلورة قرار رسمي لبناني بالعمل على تنظيم وجود النازحين السوريين اسوة بالدول الاخرى الاردن وتركيا.

2- الاتفاق على كيفية التواصل او التعاون مع دمشق، خصوصاً ان المعابر بين لبنان وسوريا هي بيد الحكومة السورية.

3- رفع وتيرة تحرك لبنان لدى الدول المانحة والمجتمع الدولي لاستدراك مخاطرو جود اكثر من مليون ونصف مليون نازح على اراضيه.

والى جانب هذه المحاور الثلاثة لا بد للحكومة من ان تعزز الغطاء السياسي للجيش والقوى الامنية في التعامل مع خطر الارهاب المتنامي في المخيمات وغيرها. لذلك، فان الاصوات النشاز التي سجلت بعد الخطوة الاستباقية التي قام بها الجيش في عرسال غير مبررة على الاطلاق، لا بل انها تصب في خانة تجاهل او تشجيع تمادي الارهابيين في مخططاتهم واعمالهم الاجرامية.

من جهة اخرى لا يكفي ان تتوالى التصريحات والبيانات المؤيدة للجيش، فالمطلوب ايضاً توفير المزيد من الدعم له واعادة فتح باب تعزيزه وتسليحه بكل الوسائل والامكانيات العسكرية، لمواجهة التحديات المقبلة وحماية البلد من هذا الخطر المحدق بالجميع من دون استثناء.