Site icon IMLebanon

لماذا لن يلتقي الأقطاب الموارنة قريباً؟

يؤكّد أحد القادة الموارنة أنّ أحداً لم يُفاتحه بأيّ مسعى لجَمْع الأقطاب الأربعة بعد. لذلك لا يمكن الحديث عن موعد محتمَل قبل طرح الفكرة على الأقل. وهو ما يلتقي مع اعتراف مرجع روحي بالعجز عن هذا الإستحقاق مؤكّداً أنّ «لكلٍّ مِن القادة الموارنة همّه وأولوياته»، وليس فيها ما يدلّ على إحتمال عقد مثل هذا اللقاء. لماذا؟

لم يخرج الضجيج الذي رافق قطع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي زيارته الخارجية الأسبوع الماضي وعودته من الديمان الى بكركي عن كونه ضجيجاً إعلامياً. وحتى الساعة لم يُثمر هذا الحراك أيّ لقاء أو مبادرة تُغيّر في مسار الأمور على أيّ مستوى سياسي أو حكومي، بل زاد طين الضياع القائم على أكثر من مستوى، بلّة، بمعزل عمّا يمكن أن يُنتجه من قمة روحية ستعقد الإثنين المقبل لتأكيد ما هو مؤكّد على الورق، من دون أن تغيّر في أولويات ما تشهده الساحة اللبنانية ومنع انقيادها الى الفوضى.

ففي هذه الأجواء، يعترف مرجعٌ روحي بأنّه كان لا بدّ من الحراك الذي أطلقته بكركي، ولا بدّ من مواجهة ما تعيشه البلاد من ظروف إستثنائية بقراراتٍ ومبادراتٍ إستثنائية. فالملفات المطروحة التي رفَعت من نسبة الحماوة السياسية والحكومية أُعطِيت عناوين كبيرة تزامناً مع حراكٍ شعبي لم يفهم المراقبون بعد ما يمكن أن يؤدّي اليه.

فكُرَة الثلج التي انطلقت تحت عنوانَي «طلعة ريحتكم» و»بدنا نحاسب» وغيرها من منظمات المجتمع المدني التي تكاثرت كالفطر، وضعت الجميع في مأزق حقيقي على الأقل إعلامياً. ليس صحيحاً أنّ الحكومة التي تباهت بإنجاز المناقصات في ملف النفايات الصلبة وتراجعت عنها في اليوم التالي بشحطة قلم، تعيش وحدها حالاً من الضياع والتشتّت وهي تبحث عن إنجازٍ ما لمَلْء الوقت الضائع وإمرار المرحلة بأقلّ الخسائر الممكنة.

والدليل، يضيف المرجع نفسه، أنّ ما شهدته الأيام القليلة الماضية من اتفاقات وتفاهمات أُبرمت من تحت الطاولة وضعت البلاد والمواطنين أمام حال من الإرباك. فهم لم يفهموا بعد ما الذي يحدث، وهل كان سهلاً على البعض أن يفهم ويتفهّم في ظلّ التصعيد الإعلامي والمواقف المتشنّجة التي اطلقها وزراء «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» تجاه أداءِ رئيس الحكومة واتهامه بالخروج على أصول «الشراكة الوطنية»، أن تعقد جلسة مجلس الوزراء بنحوٍ طبيعي وتنتج ما أنتجته من قرارات مالية وإدارية وقانونية ومقاربتها الجديدة لملفّ النفايات من دون أيّ ردّ فعل من جانب المقاطعين.

على هذه الخلفيات يبحث المرجع عن دور مؤثر لأيّ من المكوّنات المسيحية في كلّ ما حدَث، لكن لم يجد أثراً بالغاً لها. فكلّ المعلومات التي تسرّبت لاحقاً قالت بنجاح المبادرة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتفاهم والتناغم مع رئيس الحكومة تمام سلام وكلٍّ من «حزب الله» والنائب وليد جنبلاط وتيار «المستقبل» إنقاد اليها الجميع.

وإن غَنِمَ بعض القادة المسيحيين بمعلومات عمّا كان يجري وما يطبخ فقد بقيَ من دون حدّ إعطاء العلم بما لا يمكن تجاوزه في بعض الملفات المطروحة على مجلس الوزراء وما يمكن أن ينتج عن تأخير البتّ بنقل اعتمادات الرواتب والأجور، وتموين الجيش، ومصير بعض القروض والمنح بالإضافة الى النزاع القانوني مع إحدى شركات الطيران البريطانية.

في هذه الأجواء، يبدو الحديث عن لقاء الأقطاب الموارنة الأربعة مجرّد تمنٍّ بعيد المنال. فأطرافُه منشغلون كلٌّ على حدة بأجندته السياسية والحزبية. إنشغال بكركي بمراسم دفن إثنين من مطارنتها أمس واليوم، يتزامن مع انشغال «التيار الوطني الحر» بانتقال السلطة الى رئيس التيار الجديد في أجواء أقلّ ما يُقال فيها إنها عملية تعيين مجهولة النتائج في انتظار ما ستُفرزه ردات الفعل الداخلية في التيار الذي يستعدّ لكلّ أشكال المواجهات في الداخل الحزبي والخارج بعدما أرجأ النائب ميشال عون تهديده باللجوء الى الشارع الى الأسبوع المقبل. وكلّ ذلك يجرى وسط صمت «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» في وقت يخوض فيه حزب الكتائب معركته داخلَ الحكومة لمقاربة بعض الملفات الحيوية.

وفي ظلّ هذا الموزاييك من المواقف المسيحية، يسأل المرجع الروحي: إذا التقى الأقطاب هل يمكن أن تجمعهم ورقة نيات ببند واحد؟ أو على الأقل هل يمكن أن يتّفقوا على أولوية بكركي بالدعوة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية أولاً؟ وهل ذلك ممكن بعد خروج عون عنها أمس عندما نادى بإنتخابه من الشعب مباشرة بعدما أنجز انتخاباته الحزبية من هذا «الشعب العظيم»؟!