اخطأ كل من تصور ان حزب الله سيسكت على الاجراءات المالية التي اتخذت بحقه. لذا فان مسارعة البعض الى اعتبار الانفجار الذي استهدف مصرف لبنان والمهجر ليل الاحد (اول امس) من صناعة الحزب. لكن الاهم ان الاضرار الناجمة عن التفجير اقتصرت على الماديات، على رغم ما طاول القطاع المصرفي من تساؤلات عما اذا كان ما حدث سيتكرر في مصرف آخر، لاسيما ان مجالات التفجير متاحة بنسبة عالمية جدا، اضف الى ذلك ان الانفجار قد نفذ بأيد خبيرة عرفت كيف توصل الرسالة من غير ان توقع ضحايا على رغم كبر الوسيلة.
من هنا، لا بد من القول ان الرسالة قد وصلت، مع العلم انها كانت مرتقبة بوسيلة اخرى، حيث للحزب قدرة فائقة على ذلك من غير حاجة الى القتل، حتى وان كان من نفذ العملية يعرف تماما ان اصابع الاتهام ستوجه الى حزب الله، لانه المتضرر الوحيد من الاجراءات المالية – الدولية التي طالبت الولايات المتحدة الاميركية باتخاذها حفاظا على العلاقة النقدية – الاقتصادية والتجارية مع لبنان ككل.
ما يدعو الىالتساؤل هو قول الحزب انه فوجئ بالاتهام الذي وجه اليه، لان هناك قوى اخرى يهمها ان توظف ما حصل لمصلحتها وهي اسرائيل فيما ترى اوساط مطلعة ان عدم وجود رد فعل لدى الحزب يوحي كأن الامور تشبه تأكيد ضلوعه بالتفجير، والنتيجة واحدة في حال كان التنفيذ من جانب العدو الاسرائيلي طالما ان النتيجة واحدة، اضف الى ذلك ان «ارتفاع الخطاب السياسي لدي بعض المسؤولين اللبنانيين يثير بدوره التساؤل عن جدواه في مثل هذا الظرف الدقيق والحذر لاسيما ان كل الامور السلبية مرشحة لان تظهر بمطلق وسيلة متاحة من اي جانب يريد الحاق الاذى بلبنان الرسمي والسياسي؟!
لذا، لن يتوقف التساؤل عند حد معين، خصوصا ان ظروفنا تبدو بمجملها حذرة وتتطلب التحسب للاسوأ وليس الى الاحسن، بحسب اجماع المراقبين الذين يتخوفون من اي تصل الامور الى حد العودة الى الوراء اي الى زمن الفلتان – الفتنة مع ما يعنيه ذلك من توتر يكون التفجير المتنقل من ضمنه فضلا عن ان ارتفاع الخطاب السياسي يبقى من ضمن الاشتعال المرتقب من غير حاجة الى القول ان المطلوب التحسب لكل شيء.
هذا الكلام فيه جدوى ملحة للتحسب من الاسوأ، خشية الوصول الى ما يفهم منه اننا في وضع نحسد عليه سياسيا واقتصاديا وامنيا، حيث لا يعقل لاحد ان يتجاهل الصعوبات المعاشة والتي من الواجب اخذها في الاعتبار الذي يعني للجميع اننا في حال العض على الجرح وليس من مصلحة احد زيادة الوجع السياسي والاقتصادي طالما ان امورنا عالقة عند فراغ رئاسي القصد منه ترك البلد في حال ضياع، وهذا بدوره من ضمن الواقع المرير الذي فرض على المصارف العمل من خلاله في تدابير من شأنها لجة اندفاعة حزب الله السياسية في الداخل والحربية في سوريا والعراق والبحرين واليمن، حيث لا بد من ان تتطور امورنا الداخلية الى اسوأ مما نحن فيه وعليه.
تكرارا من ضرورة تلافي اخطار الاجراءات المالية بحق حزب الله، حيث من الصعب كي لا نقول انه من المستحيل على الدولة ان تتصرف وكأنها في حال طبيعية الا في حال كانت الغاية تدمير الوضع الداخلي من غير حاجة الى انتظار تدابير واجراءات مالية تأتينا من الخارج، لاسيما ان المعاناة ستكون شاملة في حال قبل حزب الله بالاجراءات او رفضها، وهو بحسب الواقع قادر على التصرف مثلما حصل من تفجير او مثل ما قد تطورت اليه الاحداث جراء منع انتخاب رئيس للجمهورية ومنع مجلس النواب من ان يكون سلطة تشريعية، وهكذا الامر بالنسبة الى حكومة ضائعة لا تعرف المطلوب منها!
هذا الواقع مرفوض في مطلق الاحوال كي لا نقول انه مقبول من جانب البعض حيث ان نتائجه السلبية لن تقتصر على جهة من دون اخرى، والادلة على ذلك اكثر من ان تحصى، والتي كان اخرها حالات التفجير وما أسفر عنه وما ادى اليه من جمود سياسي غير معروف النتائج، طالما ان الامور مفتوحة على المفاجآت التي تحمل تفاقمات في كل شيء تقريبا، وهي من الامور التي تتضمن سلبيات شاملة لا بد من ان تظهر تباعا (…)
صحيح ان الفلتان السياسي شمولي، لكن الاسوأ هو الوصول الى مرحلة العودة الي الفتنة التي بشرونا بها في حال لم تحسم الامور العامة بايجابية مطلقة وهذا من ضمن التوقعات التي يستحيل على احد القول انها مرشحة لان تتحول الى ايجابيات من خلال ادلة سياسية واقتصادية وامنية غير مشجعة، ومن الصعب على احد توقع ان تتحسن الظروف في وقت قريب حيث ليس ما يبشر بالافضل قياسا على كل ما هو سائد في البلد من فلتان وتصعيد يخشى معها الاسوأ على مدار الساعة؟!
التدابير والاجراءات المالية لماذا اليوم المالية لماذا اليوم بالذات، وكيف واين كانت قبل سنوات من الان حيث كان حزب الله يتصرف على حواه في الداخل والخارج؟!