لا تزال الترددات الزلزالية لترشيح النائب سليمان فرنجية بشكل «جدّي» من قبل الرئيس سعد الحريري بانتظار ان يصبح رسميا تطغى في الاروقة السياسية وفي المواقف المعلنة حيث ان عرض الحريري لانجاز الاستحقاق الرئاسي، اثار عاصفة في اوساط 14 آذار وكذلك داخل فريق 8 آذار حيث تقاطعت مواقف بعض مكونات الفريقين في رفض وصول فرنجية الى قصر بعبدا. ولعل اللافت ان اقسى المواقف جاء على لسان الوزير بطرس حرب، بينما برز الى العلن امتناع «حزب القوات اللبنانية» عن السير بهذا المشروع ورفضه من اساسه لا سيما وان الدكتور سمير جعجع كان مرشح فريق 14 آذار، ولا زال وفق النائب عاطف مجدلاني، بموازاة اعلان فرنجية اثر عرض الحريري لترشيحه ان مرشح 8 آذار هو العماد ميشال عون «حتى الآن» وفق الاوساط المواكبة للمجريات في وقت يعتصم فيه «حزب الله» بالصمت قبل ان يعلن موقفه الوازن والذي يبنى وفقه على الشيء مقتضاه، لا سيما وان تحالفه مع «التيار الوطني الحر» ينزله الطرفان منزلة خاصة تصل الى حدود القداسة.
وتضيف الاوساط ان عرض الحريري لفرنجية تقاطعت الاحزاب المسيحية على رفضه من «القوات» مرورا «بالتيار الوطني الحر» وصولا الى «الكتائب» وموقف الحزب فاجأ الحريري الذي سمع موافقته رئيسه النائب سامي الجميل اثناء لقائه الحريري في باريس او انقلابه على موقفه لدى وصوله الى بيروت على خلفية انه لا يستطيع السير بمشروع بهذا الحجم وان الكتائب ترفض قانون الستين الانتخابي الذي «يستميت» الحريري في الابقاء عليه ويتناغم مع النائب وليد جنبلاط بذلك.
وتشير الاوساط الى انه بموازاة انعدام الغطاء المسيحي لوصول فرنجية الى الكرسي الاولى، فان قياديين في «تيار المستقبل» وقفوا ضد عرض الحريري الى حد دفع بالامين العام للتيار الازرق احمد الحريري الى استفزازهم اثناء تدشينه مدرسة في باب التبانة بالقول «لا صوت يعلو عن صوت الحريري في «تيار المستقبل» ما يشير الى ان المواقف النارية التي تردّد صداها على الرقعة المستقبلية الرافضة لوصول فرنجية الى الكرسي الاولى لا تندرج في خانة المناورة او توزيع الادوار كما ظن البعض، وان الرسالة واضحة جداً وتقول ان من يعارض الحريري في قراراته عليه الالتحاق بالنائب خالد ضاهر الذي خرج من صفوف «المستقبل» او اخرج منه.
وتقول الاوساط ان جنبلاط هو الاكثر حماسة للعرض وعبر تغريداته استحضر مقولة «الضاهر او الفوضى» غامزاً من قناة عون وجعجع وقد رد الاخير الرجل له بالقول ما معناه «من يقرأ الماضي ليته يتطلع الى الحاضر»، ما يشير الى ان الظروف الراهنة تختلف كثيراً عن الثمانينات يوم كان جنبلاط الطفل المدلل لدى دمشق، ويعني ذلك ان الزعيم الاشتراكي هو رجل كل العهود ولا يلتزم وعداً او عهداً و«يصلح فقط للاستخدام» كما قال عنه اللواء جميل السيد في احدى مقابلاته التلفزيونية، مع الاشارة الى ان عرض الحريري سوّق له جنبلاط دون ان يسحب ترشيح النائب هنري الحلو.
وترى الاوساط نفسها انه في حال مرّ عرض الحريري للسير بفرنجية او لم يمر، فان ثمة معطيات تؤكد ان الوقت حان لانجاز الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً وان المجريات السورية مفتوحة على كل الاحتمالات وان القوى الاقليمية والدولية تريد اقفال هذا الملف للحفاظ على الحد الأدنى للاستقرار في الحديثة الخلفية لسوريا، وان الاطراف المحلية ستجد نفسها مضطرة للبحث بأسماء المرشحين للرئاسة كافة، خصوصا انها تريد الانتهاء من العبء المحلي كون الاجندة الدولية حافلة بالاولويات في المنطقة في ظل الكباش الروسي – التركي وتداعياته دولياً. ويبقى سؤالان لا يجد المراقبون جوابين عليهما الاول: لماذا سارع القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز بزيارة بنشعي ولقائه فرنجية بعد الاعلان عن ترشيحه «جدياً» من قبل الحريري، والثاني: لماذا التقى فرنجية الوزير جبران باسيل في منزله في البترون ولم يلتقِ عون؟