Site icon IMLebanon

لماذا رضخ غزال لضغوط الحريري؟

فرضت السياسة نفسها على طرابلس وبلديتها وأهلها مجددا، واستبدل التوافق السياسي على رئيس البلدية الدكتور نادر غزال في العام 2010، بارغامه على الاستقالة.

أذعن غزال لـ «الفرمان الحريري» الذي أصدره زعيم تيار «المستقبل» من السعودية والقاضي بتنحيه عن منصبه، فخرج مكرها حاملا على كاهله مسؤولية خمس سنوات من الخلافات والتجاذبات والشلل، وقدم استقالته الى محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا الذي كان ينتظره في مكتبه عند العاشرة من صباح السبت الفائت بناء على موعد حدده عرابو الاستقالة المكلفون من الرئيس سعد الحريري متابعتها من ألفها الى يائها.

حاول المحافظ نهرا ممارسة دوره الاداري ووصايته على البلديات، فأعلن أمام وسائل الاعلام أنه سيأخذ وقته لدراسة كتاب استقالة غزال لاتخاذ القرار المناسب تجاهه (القانون يعطي المحافظ مهلة شهر كامل)، لكن يبدو أن الاتصالات والضغوطات السياسية المتابعة لم تمنح نهرا ساعة واحدة لدراسة هذه الاستقالة، فقبلها على الفور وحدد يوم الخميس المقبل موعدا لانتخاب رئيس بديل.

من المفترض أن يكون الرئيس البديل الذي سيصار الى انتخابه الخميس المقبل، عضو منسقية تيار «المستقبل» المهندس عامر الرافعي الذي اختاره 14 عضواً من المجلس البلدي، وذلك لعدة أسباب أبرزها: أن الرافعي يملك خبرة واسعة في العمل البلدي، كونه الوحيد من بين الأعضاء عاصر ثلاثة من رؤساء البلديات السابقين (الراحل العميد سمير شعراني، المهندس رشيد جمالي، والدكتور نار غزال)، وقد أراد أعضاء المجلس البلدي باختياره، اغراء الحريري سياسيا للاطاحة بغزال وإيصال رئيس محسوب عليه بالكامل لأول مرة في تاريخ البلدية.

اللافت في كل ما يجري، هو أن الحريري مارس انتدابا على بلدية طرابلس، وكلف أكثر من مفوض سامي للضغط على غزال من أجل تقديم استقالته التي تركت في الأوساط الطرابلسية سلسلة علامات استفهام نتيجة انصياع غزال الكامل للارادة الحريرية، وعدم قدرته على المواجهة بالرغم من تطوع بعض الجهات والهيئات المدنية بالوقوف الى جانبه ودعم بقائه، ما ترك إنطباعا بأن غزال إما قد التزم سياسيا مع الحريري الذي أغراه بمنصب مستشاره الانمائي مستقبلا، أو أنه كان يخشى من فتح أو إخراج أو تركيب بعض الملفات له في وزارة الداخلية كما ردد مؤخرا أمام بعض المسؤولين الذين التقاهم قبل الاستقالة، أو أنه لم يعد يجد جهة سياسية يتكئ عليها بعدما أدت التجاذبات والخلافات وتعاطيه غير المتوازن مع القيادات السياسية المحلية الى فقدان ثقتها فيه.

وتشير المعطيات الى أن الركون السياسي في المدينة حيال دفع الحريري لغزال الى الاستقاله مرده بأنه لم يعد أي طرف سياسي متمسكا بوجوده، وبما أن الحريري وحلفاءه يملكون الأكثرية في المجلس البلدي والتي جرى تدعيمها مؤخرا ببعض الأعضاء الذين نقلتهم معركة المرآب الى «التيار الأزرق»، وبالتالي فان أي تحرك أو محاولة لترشيح أي عضو بوجه الرافعي ستكون فاشلة، لذلك آثرت الأطراف السياسية الأخرى في المدينة الانكفاء والتفرج على ما يحصل، وعدم الدخول مع الرئيس المقبل في خلافات جديدة.

وكان غزال قدم استقالته من رئاسة البلدية الى محافظ الشمال رمزي نهرا في مكتبه في سرايا طرابلس، واحتفظ بعضوية المجلس البلدي، وتمنى نهرا أن تكون استقالته خيرا للمدينة كما كان انتخابه.