IMLebanon

لماذا لم يزر جنبلاط إرسلان في الشويفات ؟

يسجل لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط انه الاكثر حركة في هذه المرحلة الاستثنائية باتجاه جميع الاطراف، فعينه على الوطن من جهة، واخرى على طائفته، ففي زمن العواصف الكبرى يرى الزعيم الدرزي انه لا يعاب على السنابل الانحناء، كي لا تطيح بها الرياح العاتية في زمن الرايات السود حيث الذبح والسبي والتكفير بعدما تعهد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» باعادة منطقة الحضارات التاريخية والانبياء الى العصر الحجري وصادرت الدين الاسلامي وامعنت في تشويهه وفق الاوساط المتابعة للمجريات، فجنبلاط صاحب الحركة المكوكية حط رحاله في الامس الاول في منطقة خلدة وعرمون ليطالب «بصحوات فكرية» رافضاً مقولة الامن الذاتي التي قد تعيد زمن الحروب الاهلية المتناسلة.

وتضيف الاوساط ان الزعيم الدرزي يسعى الى هدفين: الاول يتمثل بضرورة توسيع هامش الانفتاح بين افرقاء الصراع الداخلي والثاني يتجسد بمحاولته تبرير الساحة الدرزية القلقة مما يدور حولها في المنطقة، لا سيما وان دروز سوريا يقاتلون الى جانب القيادة السورية وان بلداتهم استهدفت في جبل السماق وفرض عليها « الاسلام الداعشي» في وقت لم تسلم بلدات المقلب السوري في جبل الشيخ من الهجمات التي شنتها «جبهة النصرة» بهدف احتلالها وتوقفت على ابواب بلدة حضر التي قاومتهم ببسالة وحرّكت الهواجس في المقلب اللبناني لدروز راشيا وحاصبيا.

وتشير الاوساط ان حركة جنبلاط وبعض من مواقفه لم تلقَ صدى او اذناً صاغية في المناطق الدرزية التي زارها فالخائف في لعبة صراع البقاء لا تهمه المواعظ ولا تقديم تطمينات للتكفيريين ولا تبرئة «جبهة النصرة» من تهمة الارهاب، بل الاستعداد للمواجهة والتسلح على قاعدة «اذا اردت السلم فاستعد للحرب»، والزعيم الدرزي المشهود له بقراءة التاريخ واستشراف افاق المرحلة يعلم جيداً ان الدروز يميلون بطبعهم الى القتال بحكم تاريخهم العسكري الحافل بالدماء والدموع منذ معركة عين دارة الشهيرة، وان الشباب الدرزي يتعلق بالزعيم المقاتل اذا جاز التعبير اكثر من الزعيم المهادن، وهذا ما اتضح جلياً ابان حرب الجبل يوم طلب اليزبكيون من المير مجيد ارسلان تسليحهم ليقاتلوا «القوات اللبنانية» التي احتلت الجبل الدرزي آنذاك بمؤامرة حاكتها اسرائيل واشرفت على تنفيذها، فكان جواب المير مجيد ان لا امكانية لديه ولا سلاح ناصحاً اياهم بالانضواء تحت راية جنبلاط، وكانت النتيجة انحسار اليزبكية لصالح الزعامة الجنبلاطية وتكريس «ابو تيمور» زعيماً على الطائفة طيلة فترة الاحداث وابان زمن الوصاية السورية.

وتشير الاوساط الى ان الامور تغيّرت وان المير طلال ارسلان المعروف بصداقته المتينة للرئيس السوري بشار الاسد لا يوافق جنبلاط على طروحاته حتى لو اتفق معه على ان «امن الجبل الدرزي فوق كل اعتبار» فارسلان يدعم القيادة السورية، واذا كان جنبلاط يسعى الى مهادنة «النصرة» فان المير لن يسمح ان تكون البلدات الدرزية ممراً للتكفيريين كونهم يشكلون خطراً حقيقياً ليس على الدروز بل على المنطقة من ادناها الى اقصاها وبلدة «كوباني» يجب ان تكون مثالاً للجميع في الشجاعة والصمود كونها حطمت اسطورة «داعش» التي لا تقهر.

وتقول الاوساط ان ثمة تمايزاً واضحاً بين المير طلال وجنبلاط وما كلامه في احتفال «الحبتور» عن ان «زعامته تاريخية وليست نابعة من مقعد عاليه» له دلالاته الواضحة، الا ان المير يمارس ذهب الصمت على فضة الكلام، وربما الصمت ابلغ كثيراً من الكلام والمواقف في محطات كالتي تعبرها المنطقة، وما يؤكد على البرودة التي تشهدها العلاقات بين الطرفين ان جنبلاط لم يعرّج على دارة المير في الشويفات اثناء زيارته لخلده وعرمون، وربما مواقف جنبلاط الاخيرة والتوصيفات التي اطلقها ومنحه صك براءة «للنصرة» من تهمة الارهاب ازعجت المير في العمق، الا انه لا يزال يفضل التزام فضيلة الصمت وعدم اثارة المواجع الدرزية في مرحلة بالغة الخطورة والدقة.