في موازاة حركة الاتصالات الداخلية والخارجية على الخط الرئاسي، بفعل انعدام التوافق اللبناني على هوية الرئيس العتيد، وغياب اي جهد او ضغط خارجي لملء الفراغ في بعبدا لانهماك دول القرار في الاتفاق النووي من جهة وازمات منطقة الشرق الاوسط من جهة ثانية، برز حراك داخلي متجدد عنوانه الحوارات الثنائىة الثلاث في بيروت، الاسبوعي بين تيار المستقبل وحزب الله برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، النصف الشهري بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والشهري بين البطريركية المارونية وحزب الله، دون تمكن، حتى تاريخه، ايا من هذه الحوارات من الوصول الى نتائج رئاسية ملموسة، حيث للسفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل وجهة نظر مختلفة في اساس اللعبة الرئاسية اللبنانية، ما يؤكد ارتباط الداخل اللبناني بالغلاف الاقليمي المحكوم راهنا بأزمتين: ازمة الملف النووي الايراني مع الغرب وازمة الروس مع الاميركيين والاوروبيين حول اوكرانيا التي بدأت تتجه نحو احياء الحرب الباردة بين الطرفين.
وفيما يواكب لبنان عملية التفاوض مع طهران تقول مصادر متابعة، على قاعدة ان ثمة قراراً اقليمياً – دولياً بحفظ الاستقرار فيه، رغم لعبة عض الاصابع الذي يجد نفسه منغمسا فيها،تقر المصادر السياسية ان التوقيع على الاتفاق النووي لن ينعكس ايجاباً بالضرورة على لبنان والمأزق الرئاسي فيه، رغم اقرار الجميع انه في حال فشل التوقيع، فان موجة من التصعيد قد تضرب لبنان، مع العودة المرتقبة لمسلسل الاغتيالات السياسية، التي بشر بها البعض، ردا على المحور العربي – الاسلامي العريض، الممتد من السعودية ودول الخليج،مرورا بمصر وتركيا، وصولا الى باكستان، والذي بدأت بوادره بالظهور، في مواجهة القوة الايرانية وتمدُّد نفوذها في اكثر من عاصمة عربية.
في هذا الاطار رسمت خارطة طريق للاتصالات المحلية والدولية الجارية، والتي تؤشر صورتها الاولية،الى حاجتها لمزيد من الوقت لتحقيق اهدافها، معددة ابرز محطاتها:
– اهتمام المراجع السياسية في بيروت بمتابعة نتائج زيارة الرئيس سعد الحريري الى القاهرة ولقاءه الرئيس المصري، لجهة توقيتها وسط التفاعلات الاقليمية الواسعة واهتمامات تأثيرها على لبنان الذي يعيش دون رئيس للجمهورية، على سياسة النوافذ المفتوحة التي تعتمدها القاهرة، ما يؤهلها لمواصلة لعب دورها التقليدي على مستوى الاوضاع اللبنانية، كما فعلت عام 2008 علما ان مصادر في الثامن من آذار قرأت في كلام «الشيخ» من القاهرة، تعزيزا للمناخات الحوارية الجارية على قاعدة تهدئة وتبريد الساحة الداخلية، مستشرفة فيه تقارباً إيرانيا-سعودياً خلال الفترة المقبلة قد يؤدّي إلى حلحلة في الملفات العالقة.
– لقاء عون- بري، الذي لم تتضح حقيقة التقدم البسيط الذي تحدث عنه رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون على خط الاستحقاق الرئاسي، ما دفع المصادر الى السؤال عن ماهية هذا التقدم وكيف سيتبلور، في مقابل تأكيد مصادر الرابية أنّ هذا التفاؤل يستند إلى سلسلة معطيات وتحليلات متداخلة إقليمياً وداخليا، تكونت لدى العماد نتيجة الاتصالات والمشاورات التي اجراها خلال الايام الماضية، وتعويله على امكانية الوصول الى نتائج ايجابية في حواره مع القوات اللبنانية، ما سيشرع له ابواب الرابع عشر من آذار وبالتحديد المستقبل ومن خلفه السعودية،فمفتاح انتخاب «الجنرال» يتوقف على نتائج حواره مع «الحكيم»، بحسب مصادر وسطية، ذلك ان لا بيت الوسط ولا الرياض في وارد الوقوف بوجه التوافق المسيحي – المسيحي.
– حوار القوات- التيار الوطني الحر، حيث تشير المعلومات الى أن مسودة «إعلان النوايا» التي تسلمها عون، تضمنت 16 بنداً أولها البند الرئاسي، حيث يتم فيها الاتفاق على مواصفات الرئاسة والرئيس القوي بعد الطائف ليعبر عن المسيحيين وتكون لهم الكلمة الفصل فيه، وتؤكد المصادر في هذا السياق انه بعد تسليم المسودة إلى الرابية ستكون الأمور مرهونة بجوابها على الملاحظات «القواتية»، لافتةً إلى أنه في حال انتفاء الحاجة إلى مزيد من الملاحظات والتنقيحات على المسودة سيبدأ العمل مباشرةً على خط التمهيد لولادة الاعلان من خلال لقاء الحكيم والجنرال.علما ان اوساط عونية ابدت «نقزتها» من الازدواجية القواتية، بعد الكلام الذي صدر عن النائب جورج عدوان وعن المستشار السياسي لرئيس الحزب العميد وهبة قاطيشا.
– حوار المستقبل حزب الله، الذي تجنّب خلال جولته الاخيرة الخوض بالأسماء، رغم تحديد حزب الله لمواصفات للرئيس العتيد التي لا تنطبق الا على العماد ميشال عون، الامر الذي قابله المستقبل بانه لا يمكن إمرار الاستحقاق الرئاسي إلا عبر رئيس توافقي، رغم سقوط طرح الاخير على انتخاب المرشح الذي يحظى بتوافق مسيحي وبدعم من العماد عون، علما ان الرئيس الحريري كان وعد الرئيس بري خلال زيارته الاخيرة الى عين التينة بأن يحسم مسألة دعم عون للرئاسة قريبا. فهل هذا ما نقله بري لعون ودفع الاخير للحديث عن تقدم رئاسي؟
-اجتماع لجنة التواصل بين بكركي وحزب الله في الضاحية الجنوبية، حيث بان واضحا عدم التوافق في الموضوع الرئاسي، امام جواب حزب الله الايجابي عن سؤال احد المطارنة عما اذا كان الحزب لا يزال يدعم العماد عون في الوصول الى بعبدا، وهو ما لمسه زوار البطريرك الراعي.
– لقاء صدفة الاربع دقائق «عالواقف»، الذي جمع موفد البطريرك الراعي مطران بيروت بولس مطر، الى باريس، بوزير الخارجية الاميركية جون كيري في الكي دورسيه، والذي حمل رسالة واضحة بمعانيها مع اشارة كيري بكلام مقتضب الى «ان واشنطن مهتمة بملف الرئاسة».