ليست الاطلالة الجديدة المرتقبة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله للحديث عن تطورات ملف الانتخابات النيابية اطلالة عابرة. كما لم يكن تأكيده أنّه لن يتردد في التجوال في قرى بعلبك ومدنها وأحيائها للسعي إلى إنجاح لائحة حزب الله مهما كانت الأثمان ولو تعرض للخطر، مجرد كلام. اذ يتعاطى حزب الله مع الملف ككل والمعركة في دائرة بعلبك – الهرمل بشكل خاص على انها وجه من وجوه الدفاع عن المقاومة من خلال تأكيد قوتها التمثيلية في ظل الاستنفار المحلي – الاقليمي والدولي لاستهداف الحزب في معقله ما يجعله يمارس استنفارا مضادا يتولاه شخصيا السيد نصرالله.
وتشير مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله الى ان «تعاطي قيادة المقاومة مع هذه المعركة يشبه الى حد بعيد طريقة تعاطيها في ملف الانتخابات الرئاسية وتمسكها بترشيح العماد ميشال عون طوال سنتين ونصف، نظرا لخصوصية المنطقة والتي تعتبر أشبه بمصغّر عن لبنان المتنوع طائفيا، أضف لكونها وبشكل رئيسي معقلا للمقاومة ما يجعل الفريق الخصم يتجند بكل ما أوتي من قوة لخرقه».
ويعتبر حزب الله أن أخصامه اختصروا كل المعارك الانتخابية بهذه الدائرة الى حد خروج أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري ليقول ان الفوز بنائب شيعي في دائرة بعلبك – الهرمل يساوي الفوز بـ127 نائبا، وهو ما يجعل الحزب تلقائيا يتجند بدوره لخوض هذه المواجهة. وترى المصادر أن «ترشيح اللواء جميل السيد في المنطقة يشكل أيضا استفتاء على المرحلة التي كان فيها مديرا عاما للأمن العام ما يعني خصوصية أيضا بالمرشحين يستخدمها الأخصام للتأثير على الناخبين».
ويُدرك حزب الله انه وبسيره بقانون انتخاب يعتمد النظام النسبي، قد سلم بخرق لائحته في المنطقة بمقعد او 2 مع ترجيح أن يكون الحاصل الانتخابي ما بين 15 و 17 ألف صوت وامتلاك أخصامه نحو 30 الف صوت في الدائرة السابق ذكرها. وفي هذا الاطار، تشير المصادر الى ان المهمة الرئيسية التي تركز عليها قيادة الحزب تكمن بالتصدي لاختراقه من بوابة المقاعد الشيعية، وحصر المنافسة بالمقعدين الكاثوليكي والماروني، من منطلق أن أي خرق شيعي سيستخدمه الأخصام في الداخل والخارج للحديث عن تغير في المزاج العام للمجتمع الشيعي يربطونه بمشاركة الحزب بالقتال في سوريا وغيرها من الملفات.
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة بعلبك- الهرمل 309 آلاف ناخب، ويصل عدد المقترعين الى 180 الفا، اما عدد المقاعد 10 تتوزع ما بين 6 شيعة، 2 سنّة، 1 موارنة، 1 روم كاثوليك. وُتعتبر الكتلة الشيعية الناخبة هي الأكبر باعتبار ان عدد الناخبين الشيعة المسجلين يبلغ 226318 فيما يبلع عدد السنّة 41081، والموارنة 22706، والكاثوليك 16380.
وبالرغم من المساعي الجبارة التي تبذلها القوى المعارضة لحزب الله في الداخل وأبرزها تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» اضافة لعدد من الشخصيات الشيعية في المنطقة، وهي مساعي مدعومة خارجيا، لتوحيد الصفوف وتشكيل لائحة واحدة تكون قادرة على خرق لائحة الحزب بمقعدين او حتى 3، الا انها فشلت حتى الساعة في تأمين أرضية مناسبة تنطلق منها للمواجهة. وهي لا تزال تعقد اجتماعات ماراتونية مع ضيق المهل واقتراب موعد السادس والعشرين من شهر آذار الحالي الذي حددته وزارة الداخلية كموعد نهائي لانضمام المرشحين الى لوائح محددة، على ان يسقط تلقائيا ترشيح أي مرشح لا ينضوي في ظل لائحة، وفق مقتضيات قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد النظام النسبي.
وضمت لائحة حزب الله وحلفائه والتي حملت عنوان «نحمي ونبني» بصيغتها الأولى أسماء 9 مرشحين من أصل عشرة، قبل ان يتردد ولو بشكل غير رسمي ضم النائب اميل رحمة اليها عن المقعد الماروني، ليخوض المعركة مع ستة مرشحين شيعة هم الوزير حسين الحاج حسن، النائب علي المقداد، ايهاب حمادة، ابراهيم الموسوي، اللواء جميل السيد، والوزير غازي زعيتر، وسنيان هما النائب الوليد سكرية، ويونس الرفاعي (عن جمعية المشاريع الخيرية). وكاثوليكي هو الوزير والنائب السابق البير منصور (عن الحزب السوري القومي الاجتماعي).
بالمقابل، يخوض المعركة بمواجهة هذه اللائحة رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني، مرشحين مدعومين من النائب السابق حسن يعقوب، رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي، حزب «القوات» ممثلا بالمرشح عن المقعد الماروني أنطوان حبشي اضافة الى تيار «المستقبل» وشخصيات مختلفة من المنطقة منها النائب السابق يحيى شمص.
ويبدو أن «التيار الوطني الحر» لم يحسم حتى الساعة موقفه من المعركة في المنطقة بعدما تقرر على ما يبدو ان يفترق انتخابيا مع حزب الله في هذه الدائرة نظرا لاصراره على الحصول على المقعدين الماروني والكاثوليكي، واصرار الحزب على وجوب التفاهم معه على مقعد واحد، من منطلق أن حجم «الوطني الحر» في المنطقة لا يخوله الحصول على أكثر من مقعد.