حالة من اضطراب توصيف حالة العداء مع إيران تسود هذه الأيام شعوب الدول ضحايا النفوذ الإيراني أو حتى شعوب الدول التي أمست في مرمى هدف الاحتلالات الإيرانية٬ مثل دول الخليج التي كانت قاب قوسين أو أدنى لولا عاصفة الحزم التي وضعت عصا في دولاب عربة الاحتلال الإيراني المتدحرجة. حالة الخلاف حول توصيف نوع العداء مع إيران أثارت عدًدا من الأسئلة.
هل العداء مع إيران بسبب تشيعها؟ الجواب بالتأكيد لا٬ ولو كان العداء بسبب المذهب أو حتى الدين لكان من لازمه معاداة أغلبية الساكنين معنا على كوكب الأرض٬ ولكان من لازمه أن تعادي الدول المعنية في المنطقة شريحة مهمة من مواطنيها٬ وهذا ما لا يقبله شرع ولا عقل ولا قانون٬ كما أنه لا يتحمل عموم الشيعة قرار حكومة ملالي إيران أن تكون إيران طائفية في نظامها وفي دستورها وفي توسعها وفي نشاطها العسكري والسياسي والثقافي وفي تحالفاتها في المنطقة القائمة على أساس طائفي صارخ وفي التبشير بالتشيع٬ ففي الشيعة وفي الإيرانيين شريحة تكره هذا الَنَفس الطائفي وتكره هذا الهدر الضخم لميزانية الشعب في مغامرات طائفية جعلتهم من أفقر شعوب المنطقة. نعم٬ هناك شريحة كبيرة من الشيعة استجابت للدغدغة الطائفية التي يبدع النظام الإيراني في العزف عليها٬ لكن ليس من الحكمة ولا العقل الدفع بالشريحة الشيعية المحايدة إلى التعاطف مع إيران عبر تسويق عبارات تعمم على كل التشيع وعلى كل الشيعة بأنهم وراء ما يجري في المنطقة من حروب وقلاقل واحتراب طائفي٬ بدليل أن الطائفة الشيعية عاشت بسلام ووئام طيلة القرون الماضية حتى اندلعت الثورة الإيرانية فبعثت الطائفية من مرقدها٬ وحين لم يكن للطائفية في العراق تجذر كبير في بداية الثمانينات٬ اصطف السنة والشيعة في الجيش العراقي صًفا واحًدا لصد الغزو الإيراني للعراق مما لا يمكن تخيل وقوعه الآن بعد أن عم دخان الطائفية سماء المنطقة وتسمم بسببه الكثير.
كما أنه ليس من المناسب وصف اعتداءات نظام الملالي في إيران بالعدوان الفارسي لأنه علاوة على أن الفرس ليسوا كلهم في صف النظام الطائفي القمعي٬ فإن في الفرس شريحة كبيرة من أهل السنة والمذاهب الأخرى٬ بل والأديان الأخرى٬ هذا ناهيك بمساهمة الفرس بعد إسلامهم في إثراء التراث الإسلامي الشرعي والعلمي٬ فليس من اللائق النبز باللقب الفارسي٬ لأننا إن فعلنا ذلك وضعنا البريء والمسيء في سلة واحدة٬ وهذا ليس من العدل ولا الإنصاف٬ ومثله التعميم بوصف المجوس وهم عبدة النار على بشر ينطقون بالشهادتين ويصلون صلاتنا ويتوجهون إلى قبلتنا٬ وكلنا يذكر أن النازي هتلر الذي سيطر على ألمانيا وساقها إلى حرب عالمية مدمرة لم يجعل الناس تصف كل الألمان بالنازية٬ وبعد أن سقط النظام النازي صرت لا تكاد تسمع عمن يتبنى فكر النازية إلا من مجموعات معدودة محدودة٬ وعليه فلا يجرمنا شنآن قوم من ملالي النظام الطائفي الحاقد في إيران أن نعدل في الفعل والقول والوصف.