IMLebanon

لماذا لن ترد إسرائيل؟

دلالات بالغة الاهمية للعملية النوعية التي نفذتها المقاومة في مزارع شبعا، لعل أهمها توجيه رسائل واضحة للاسرائيلي متعددة الاتجاهات: أن «حزب الله» لن يقبل بتغيير قواعد الصراع والاشتباك التي أرادها العدو عبر جريمته في القنيطرة، وأن المقاومة ستكون حيث يجب أن تكون، وأن الاسرائيلي ليس قادرا على فرض برنامجه انطلاقاً من وهم انشغال الحزب بالمعركة على الارض السورية.ش

هي معادلة كان واضحا في تأكيدها السيد حسن نصر الله منذ نحو عام في حديثه لـ «السفير»، عندما أكد أن لا تغيير في «قواعد الاشتباك» وان «المقاومة تملك القرار والإرادة والعزم والجدية والشجاعة أن ترد على أي عدوان»، فالمسألة هي مسألة ردع للاسرائيلي بالدرجة الاولى.

وقد حمل بيان المقاومة «الرقم واحد»، وفي ذلك رمزية كبيرة بأن المقاومة سترد على أي رد اسرائيلي على عملية المزارع في بيان سيحمل هذه المرة الرقم 2. إنها معادلة ردع اذاً. وهي «مجموعة شهداء القنيطرة»، حسب بيان المقاومة، «استهدفت موكبا عسكريا إسرائيليا في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة مؤلفا من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو». لاحقا اعترفت اسرائيل بمقتل قائد سرية في لواء «غفعاتي» الرائد يوحاي كلينغر والعريف نيني من شيتوليم واصابة سبعة عناصر.

ثمة دلالة اخرى لناحية التوقيت، اذ ان العملية حصلت في وضح النهار، في ذروة الاستنفار الاسرائيلي، ما يعني شجاعة كبيرة وخبرة عميقة من قبل قيادة المقاومة على عملية اغتيال غادرة لم تعلن اسرائيل مسؤوليتها عنها، وقد اخذت المقاومة بعين الاعتبار الظروف كافة وردات الفعل السياسية والعسكرية التي من الممكن ان تحدث.

كما ان العملية تمت بعد فترة بسيطة من جريمة القنيطرة، وقبيل يومين من خطاب نصر الله الذي سيتناولها غدا مع شرح ظروفها وتناول الوضع المستجد في المنطقة بالتفصيل. وهذا الامر يدل على فشل استخباراتي كبير للعدو في ظل علمه بنية المقاومة الرد على جريمة القنيطرة.

وبينما انتظرت اسرائيل رد المقاومة في الجولان، حصل هذا الرد في مزارع شبعا اللبنانية، واستهدف عسكريين من العدو وليس «مدنيين» عبر قصف فلسطين المحتلة بالصواريخ ما قد يبرر اي تدخل اسرائيلي كبير يستهدف عمق الاراضي اللبنانية. وفي ذلك ان المقاومة لم تخرج عن حدود الرد الذي اعتادت عليه، ما يعني أن المقاومة هي في أوج قوتها، وان جبهتي الجولان وشبعا هما في الواقع جبهة واحدة.

من هنا، أرغمت المقاومة اسرائيل على الرضوخ لمعادلاتها، ويبدو ان العدو الاسرائيلي فهم الرسائل، ولذلك لا يود التصعيد والدخول في حرب مغامرة نتيجة عوامل عدة:

اولها، قوة وقدرة المقاومة على استنزاف القوات الاسرائيلية لا بل استهداف العمق الاسرائيلي بمعدل ألف صاروخ في اليوم.

ثاني تلك العوامل يتمثل في المفاوضات الجارية اليوم بين ايران والولايات المتحدة الاميركية، التي قد تؤسس لتفاهم مستقبلي كبير بين الجانبين، تريده واشنطن على نار هادئة.

ثالث تلك العوامل ان الاميركي يعارض تغطية اية مغامرة اسرائيلية، وقد أبلغت واشنطن الحكومة الاسرائيلية، حسب مراقبين للعلاقة الاميركية الاسرائيلية، معارضتها تغطية أي تهور اسرائيلي من جانب واحد.

من هنا، بدا واضحا أمس ان المقاومة في موقع الدفاع عن النفس والرد على العدوان في الوقت الذي وجدت اسرائيل فيه، نفسها مكبلة، ويرجح المراقبون ان الامور غير قابلة للتصعيد في المنطقة.