لا شك في أنّ عدم مشاركة الملك سلمان في قمة «كامب دايڤيد» بين الرئيس الاميركي باراك أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي سيدور حولها كلام كثير: أعداء المملكة من إيران ومن لف لفها سيقولون إنّ الملك مريض…
ومَن يعرف الملك سلمان عن قرب يعرف أنّ هناك فرقاً كبيراً بينه وبين سلفه الملك عبدالله.
الملك سلمان رجل علمي وعملي ودقيق جداً ويدرس ملفاته، فيما كان الملك عبدالله رجلاً طيباً ويتعامل مع الناس بصدق، ويثق بالناس كما وثق ببشار الأسد وعندما اكتشفه على حقيقته غضب عليه.
الملك سلمان يتصرّف كما يتصرّف رجال الدولة… فلا يصدّق كل ما تقوله أميركا، وعندما تكون في المسؤولية يفترض بك التعامل مع الآخرين بحذر، دقة الملك سلمان معروفة منذ تسلمه إمارة الرياض، يلتقي الكبار والصغار، يبدأ نشاطه منذ الثامنة صباحاً داخل مقر الإمارة، ومنذ ذلك الحين كان يقوم برحلات مكلفاً بها من قِبَل الملك ويلقى في دول العالم كلها التكريم الذي هو للملك أساساً، فهو يتصرّف كملك من أيام الملك فهد، وليس حديثاً في هذه الناحية.
لذلك عندما تسلم الحكم وقام بعملية «عاصفة الحزم» في اليمن، لم يستشر الاميركيين لأنّه يعرف جيداً أنّ همّهم هو واحد: الملف النووي الإيراني (أي الكذبة الكبرى) والأمور التالية كلها لا تريد واشنطن لها أن تزعج إيران، ولكن الاولوية بالنسبة للملك سلمان مصلحة المملكة وكرامتها، لذلك لا يمكنه أن يقف متفرجاً بانتظار الاتفاق بين واشنطن وطهران.
وعدم مشاركته في «كامب دايڤيد» لأنه يعرف، الى ذلك، أنّ أوباما هو الرئيس الاميركي الأفشل… واللقاء معه ليس أكثر من حكي بحكي… والملك لا يملك وقتاً لإضاعته مع الترهات.
ويعرف الملك أنّه بعد تجربة السعودية مع العراق لم يعد من مجال للثقة بالأميركي الذي يطلق يد إيران، فكيف أنّ أميركا على خلاف مع إيران، وإيران تصف أميركا بالشيطان الأكبر، ثم يتفق الاثنان على المالكي في رئاسة الوزارة رغماً عن إرادة الناس ومجلس النواب العراقي…
والتجارب عديدة… ولكن الملك لن يتساهل… فالقضية هي كرامة المملكة ووضع حد لهذه التمثيلية الاميركية – الايرانية.