لم يتوان لبنان في أية مناسبة عن طلب المساعدة الدولية لمواجهة خطر الإرهاب الذي يتهدده من داخل حدوده ومن خارجها، لكنه لم ينخرط «رسميا» بعد في الحرب الدولية الشاملة ضد الإرهاب وتحديدا المتمثل بـ «جبهة النصرة» و «داعش»، وكل «الفروع» التي تدور في فلكهما، مع ما يتضمنه هذا الانخراط من تدابير وإجراءات أمنية وعسكرية ولوجستية.
عمليا، لم يستغل لبنان الغطاء الشرعي الذي وفره له المجتمع الدولي عبر قرارات الأمم المتحدة، لا سيما قرار مجلس الأمن الرقم 2170 الصادر في 15 آب 2014، والذي صنف كلا من «النصرة» و «داعش» منظمات «إرهابية». أكثر من ذلك، فإن العدوان الخارجي الذي تعرض له لبنان في عرسال في 2 آب الماضي، من قبل مقاتلي «النصرة» و «داعش»، القادمين من خارج الحدود والذين يتلقون أوامرهم من هذا الخارج أيضا، وضعه تلقائيا في صف المواجهة الدولية القائمة للإرهاب وفقا للقوانين الدولية.
فإعلان الحرب يعني العداء لهذه التنظيمات وقطع كل وسائل التواصل معها، وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 2170 الذي شدد على «وجوب قيام جميع الدول بمنع تمويل الأعمال الإرهابية ووفقه، والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني، الى الكيانات والأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية، ويشمل ذلك وضع حد لعملية تجنيد الأعضاء ومنع تزويد الإرهابيين بالسلاح».
ما قامت به الدولة اللبنانية لغاية الآن «لم يرق الى الحرب الشاملة على الإرهاب، أسوة بما تفعله الدول عندما تواجه إرهابا مماثلا»، وفق توصيف الضابط المتقاعد في الجيش اللبناني اللواء عبد الرحمن شحيتلي الذي أكد ان «لبنان لم ينخرط بعد في محاربة الإرهاب، فما يحصل على أرض الواقع، هو مجرد مواجهات محدودة يقوم بها الجيش وبعض الأجهزة الأمنية».
فالتفجيرات التي استهدفت المناطق المدنية من قبل «داعش» و «النصرة»، واعتداءاتهما المتكررة على الجيش في عرسال وطرابلس وعكار، وقيامهما بخطف عناصر عسكرية نظامية من داخل الأراضي اللبنانية خلال ساعات الخدمة، وسوقهم الى خارج الحدود، كل ذلك يحتم لزاما على الحكومة، برأي شحيتلي، «إعلان حالة الحرب مع هذه المنظمات، التي أعلنت هي أيضا أنها في حالة حرب مع الدولة اللبنانية».
ويعدد شحيتلي الإجراءات والتدابير العملية التي يجب على الحكومة تنفيذها عند قيامها بإعلان كهذا على الشكل الآتي:
اولا: اجتماع القادة الأساسيين في البلاد، لاتخاذ قرار وطني شامل بمحاربة الإرهاب، ووضع استراتيجية واضحة لمواجهته.
ثانيا: الطلب من مجلس النواب إصدار تشريعات تتلاءم مع حالة الحرب مع المنظمات الإرهابية، «إذ ان القوانين الحالية لا تتضمن قواعد عسكرية كهذه، بل تشمل كيفية تعامل الدولة في حالة الحرب مع الدول فقط، وليس مع المنظمات الإرهابية. فالتشريعات الجديدة يجب أن تنص على كيفية ملاحقة الإرهابيين في الداخل والخارج، وإعطاء صلاحيات استثنائية إدارية، خصوصا لقائد القوات المسلحة كما جرى في عدد من الدول» يقول شحيتلي.
ثالثا: النظر في حاجات المؤسسة العسكرية لتمكينها من محاربة الإرهاب، وإقرار الخطة الخمسية لتسليح الجيش وفتح الباب أمام استدعاء الاحتياط والتطويع بصورة مباشرة تبعا لحاجات الجيش، إضافة الى إعطاء صلاحيات إدارية اسثنائية لقائد الجيش لتجهيزه بالعدة والعتاد من دون المرور بالروتين الإداري المتبع.
رابعا: إعطاء الصلاحيات الكاملة لقائد القوات المسلحة لتوقيف أو عدم توقيف العناصر التي يشتبه بأنها تدور في فلك الإرهابيين، بغض النظر عن الإجراءات العدلية المتخذة بحقهم مثل (التوقيف الإداري)، ومصادرة جميع وسائل الاتصالات التقنية التي يشتبه باستعمالها من قبل هذه العناصر.
خامسا: شن حرب استباقية على معاقل الإرهابيين من «النصرة» و «داعش»، على غرار ما يفعله التحالف الدولي في سوريا والعراق، والتعاون مع أجهزة الأمنية الدولية لتبادل المعلومات حولهم.
يختم شحيتلي: «يمكن للبنان الاستفادة مخابراتيا ومعلوماتيا من إمكانات التحالف الدولي الذي يملك سيطرة جوية كاملة على كل مناطق عملياته، بما فيها القلمون (السوري)، وذلك استنادا الى قرار مجلس الأمن الرقم 2178 (24 ايلول 2014) الذي «يحث الدول الأعضاء عن طريق الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف، ولا سيما الأمم المتحدة، بتكثيف وتسريع تبادل المعلومات العملياتية المتعلقة بأعمال وتحركات الإرهابيين أو الشبكات الإرهابية بمن في ذلك المقاتلون الأجانب».