باتت المواقف الأساسية والإستراتيجية لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، متناغمة إلى حد كبير مع سياسة واستراتيجية قوى 14 آذار، وذلك ما ظهر بوضوح في الآونة الأخيرة عبر ما أطلقه النائب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي من مواقف، وإن كانت تلك التي تطرّق إليها بشأن «حزب الله» أخفّ وطأة من الكلام أو التصاريح التي تعلنها قيادات 14 آذار. وبالتالي، فإن المعلومات تشير إلى أن النائب جنبلاط كان وراء انعقاد اللقاء اللافت في البقاع الغربي بين قيادتي الحزب التقدمي و«حزب الله»، والذي كان على مستوى تمثيلي كبير من خلال رئيس وحدة الإرتباط في الحزب الحاج وفيق صفا والوزير وائل أبو فاعور. أما لماذا انعقد هذا اللقاء وفي البقاع وفي هذا التوقيت، تقول مصادر على صلة بما جرى بأن رئيس «اللقاء الديمقراطي»، وفي خضم المعارك الدائرة في منطقة القلمون، وأمام ما يجري في البلد من انقسامات وتداعيات وتصعيد سياسي، أراد، وبمعزل عن التباينات السياسية بين «التقدمي» وبين «حزب الله»، أن يستبق أي ردّات فعل أو إشكالات ربما تحصل في منطقة البقاع في حال توسّعت رقعة العمليات العسكرية وتحرّكت «جبهة عرسال»، وخصوصاً أن هناك غالبية درزية كبيرة في هذه المنطقة وصولاً إلى منطقة دير العشائر وخط الشام والمصنع إلى الجبل بشكل عام، فكان هذا اللقاء التنسيقي والذي عرض لكل الخطوات الآيلة من أجل التعاون والتواصل ميدانياً، وذلك على الرغم من المواقف الجنبلاطية المناهضة لتدخل «حزب الله» في سوريا، إلى وقوفه مع «عاصفة الحزم» ودول الخليج في حربها على الحوثيين في اليمن، ناهيك عن الموقف الواضح لسيد المختارة من النظام السوري، ما يعني أن هذا التمايز بين جنبلاط وقوى 14 آذار لم يتبدّل منذ أن اختار رئيس الحزب الإشتراكي الوسطية كموقع سياسي يجعله قادراً على التحرّك، ولديه هامش سياسي يناور من خلاله في محطات سياسية تستدعي المناورة.
وعُلم من مصادر مقرّبة من جنبلاط استياء الحزب التقدمي وقواعد الحزب الشعبية من إشارة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي غمز فيها من قناة النائب جنبلاط، وذلك عندما قال بما معناه أن «مراهنة البعض على جبهة النصرة لحماية طائفته فهو مخطئ»، إلى ما هنالك من انتقادات ضمنية حول هذا الكلام، إضافة إلى ما جرى في بعض المناطق في الجبل لدى انتهاء السيد نصرالله من إلقاء خطابه من مظاهر إحتفالية ومواكب سيارة وإطلاق نار في الهواء ابتهاجاً، في حين كانت التوجّهات من قيادة الحزب التقدمي في المناطق الجبلية بالتزام الهدوء وعدم القيام بأي ردود أو ما شابه، بحيث أن الحزب لن يغطي أياً كان في حال قيامه بأي ردّة فعل .
من هذا المنطلق، فإن الأجواء، ونقلاً عن مصادر الطرفين، تؤكد على استمرار التواصل الميداني بينهما في أماكن تواجدهما بهدف الحفاظ على الأمن وتبادل المعلومات في هذا الإطار دون النظر إلى التباينات والخلافات السياسية بينهما. هذا بالإضافة إلى أن هذا التواصل يتخطى البعد الأمني والميداني وصولاً إلى لقاءات شبابية ونقابية تحصل من وقت إلى آخر، وكذلك كان اللافت أيضاً، وبتمايز أيضاً عن قوى 14 آذار، تهنئة شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ نعيم حسن المحسوب على جنبلاط بعيد التحرير، كذلك عُلم أن هذه الأجواء تنسحب على منطقة حاصبيا، حيث يوصي رئيس الحزب التقدمي بالتنسيق مع «حزب الله» وإبقاء حلقة التواصل قائمة بين مشايخ البياضة والمراجع الروحية في تلك المنطقة.