Site icon IMLebanon

لماذا يغيّب السراي ذاته؟

الحكومة المكرسحة أصابت البلد بالشلل أيضاً. صحيح أنه قبل تأليفها كان الجو (المبدئي) أنّها حكومة موقتة (ثلاثة أشهر على الأكثر) ريثما يتم إنتخاب رئيس للجمهورية فتصبح الحكومة في حكم المستقيلة دستورياً. هذا من حيث المبدأ. أما من حيث الواقع فقد كان الجميع يعرف تعذّر إنتخاب الرئيس بسبب أزمة المنطقة وإرتباطنا بها… من هنا نفهم ذلك الصراع المحموم الذي رافق تشكيلها على إمتداد نحو أحد عشر شهراً.

ولقد إنعكس فشل هذه الحكومة تجميداً تاماً في البلد على مختلف الصعدان من السياسي الى الإنمائي، فبدت عاجزة عن أي أداء يمكن أن يشهد لها به… والعكس صحيح. فرئيسها خائف من أي خطوة… لذلك آثر المراوحة في المكان. بل عدم الحراك في المكان. باعتبار أن في المراوحة حراكاً ولكن من دون تقدم. بينما الحكومة السلامية لا تتحرك ولا هي تتقدم… فكان أن أصيب البلد بالشلل.

ولكن هذا الشلل، أفقد رئاسة الحكومة دورها بشكل تام، باستثناء المظاهر التي باتت تقتصر على المناسبات الخارجية في حضور رمزي لا يقدم ولا يؤخر… حتى اللقاءات الجانبية التي تعقد في تلك المناسبات لا تتخطى اللياقات.

وأمّا على صعيد الأزمات الداخلية فقد إعتادت الحياة السياسية في لبنان أن يكون رئيس الحكومة محوراً أساسياً فيها: فإما يكون فريقاً رئيساً، وإمّا يؤدي دور صمّام الأمان. ولكنه في الحالين موجود. أما اليوم فإنّ الغياب طاغ. إذ يكاد دور السراي الكبير يكون وقفاً على لقاءات بروتوكولية لا أكثر ولا أقل. ولا نود أن نذكّر بأزمة النفايات المتمادية التي عجزت الحكومة  عن «إنجاز» أي تقدم فيها. وكم كان الوضع مؤسفاً، ولا يزال، أن تقف الحكومة على خاطر شأن هذا أو ذاك من زعماء وزويعمين و«رياس» على بضعة عشر شخصاً من هنا وهناك… حتى بتنا نرى عشرة أو إثني عشر مراهقاً هنا وطفلاً هناك يقطعون الطريق، فترسل إليهم الحكومة الجليلة من يقف على خاطرهم، ثم… تتراجع الخطة!

نحن، ومن موقعنا المسيحي والصحافي خصوصاً الوطني نرى أن أي غياب لدور الحكومة هو مثل تغييب دور رئاسة الجمهورية مع فارق أن غياب دور الحكومة أشد خطورة في هذه المرحلة كونه مشغولاً بينما كرسي الرئاسة فارغ.

وإذا كان السراي الكبير عاجزاً، لغير سبب وسبب، عن أن يعقد جلسة لمجلس الوزراء، فهو على الأقل مغيّب (بل يغيّب ذاته) عن مبادرة تقارب بين الأطراف المختلفة الآن على عقد جلسة التشريع… فهل قام دولة الرئيس تمام بك سلام بأي محاولة لتقريب وجهات النظر بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون وبين بري والدكتور سمير جعجع، في شأن الجلسة النيابية؟ وهل أجرى محادثات في هذه النقطة مع حزب الكتائب؟!