لماذا نُقل السفير الاميركي إلى باكستان؟
هكذا تقرأ «8 و14 آذار» تغيير دايفيد هيل
أسئلة كثيرة تتزاحم حول قرار الادارة الاميركية انهاء خدمات سفيرها في لبنان دايفيد هيل ونقله الى باكستان، لكن تلك الاسئلة لم تنجح في اختراق الجدار الاميركي والوقوف على ملابسات هذا القرار وخلفياته.
هو قرار إجرائي لا سياسي، كما سمع بعض مراجعي طاقم الديبلوماسية الاميركية في عوكر، ومع ذلك ارتاب المراجِعون من توقيته في ظرف لبناني حرج يعاني الفراغ الرئاسي والارباك السياسي والتوتر الامني والاحتقان المذهبي.. وصولا الى تهديد الارهاب التكفيري.
بعض المراجِعين، كانوا يفاخرون حتى الأمس القريب أنهم خبراء في السياسة الاميركية تجاه لبنان، وها هم بالامس يعترفون ان قرار نقل هيل الى باكستان في هذه اللحظة بنى طبقة غبار سميكة حجبت الرؤية بالكامل عن الموقف الاميركي الحقيقي.
قد تكون المسألة، في رأي هؤلاء، اعمق وابعد من مسألة نقل سفير من مكان الى مكان، ما جعلهم يخشون ان يكون قرار إخراج السفير الاميركي من لبنان، إخراجا للبنان من دائرة الاهتمامات الاميركية واعلانا اميركيا صريحا بأن لبنان ـ وبرغم الكم الهائل من المشكلات فيه ـ ليس ضمن سلم اولويات الإدارة الأميركية، وإن وجد ففي درجاته السفلى!
سأل البعض ديبلوماسيين عن خلفيات القرار، فكان الجواب أن القرار هو ترفيع بنقله الى موقع شديد الأهمية بالنسبة الى واشنطن ويشكل نقطة ارتكاز أميركية في تلك المنطقة التي تتطلب قدرات ديبلوماسية عالية كالتي يتمتع بها دايفيد هيل.
هيل نفسه، وعلى ما ينقل بعض هؤلاء، يؤكد ان المسألة اجرائية لا أكثر. قدَّر «عواطف» المهتمين. وجاملهم: «أنا باق لاشهر عدة معكم»!
لم يسمع المهتمون اكثر من ذلك، الا انهم يعتقدون أن الفترة المتبقية لدايفيد هيل حتى ايلول المقبل، يمكن ان تتحرّك فيها بعض الحلول، خاصة على مستوى رئاسة الجمهورية. الا ان هؤلاء لا يستطيعون ان يجزموا بامتلاك السفير الأميركي المنقول ما يمكن ان يحرّك الوضع في لبنان الذي يصنف اميركيا في هذه المرحلة بـ «المكان المقفل»، علما ان حركة السفير الاميركي نفسه لم تَشِ في الفترة السابقة باحتواء الجعبة الاميركية على افكار لحل رئاسي، وتؤشر على ذلك جولات السفير في الآونة الاخيرة على سياسيين ورسميين طارحاً فيها سؤالا محددا: ماذا يمكن ان نفعل، واي سبيل يمكن سلوكه لاحداث اختراق في الجدار الرئاسي المسدود؟
الأكيد، كما يقول مراقبون، ان نقل دايفيد هيل لن يزعج «14 آذار»، وهي لن تترحم على مرحلته، لا بل إن نقله يمكن ان يفرح قلوب كثيرين في هذا الفريق. اعتادت «14 آذار» على سفراء اميركيين متشددين وصداميين وملتزمين معها حتى العظم، وهي لم تشعر مع هيل بالحضانة والايجابيات، لا بل إنها شعرت بالسلبيات في كثير من الاحيان.
وفي جعبة «14 آذار» الكثير من الامثلة: دور هيل في صياغة البيان الوزاري للحكومة الحالية واحباط توجّه «14 آذار»، حواره مع ميشال عون، انفتاحه على مختلف القوى السياسية، تأكيده في مختلف المجالس والصالونات على رفضه لمحاولات عزل «حزب الله» في لبنان لما يترتب على ذلك من مخاطر. فيما كان في العلن يعبر عن سياسة بلاده ضد الحزب وآخرها ما صدر عنه في الآونة الاخيرة من كلام عنيف ضد الحزب استلزم ردا اعنف من قبل «حزب الله».
وفي المقابل، لا تقارب «8 آذار» السفير الاميركي بتشدد على غرار من سبقه. دخل هذا الفريق عمليا الى غرفة الانتظار، ينتظر من سيأتي بعد هيل.
يسألون في «8 آذار» هل نقل هيل تعبير عن سياسة اميركية جديدة؟ أم هو تعبير عن قلة الاكتراث الاميركي بالوضع اللبناني، وبالتالي ترك الساحة اللبنانية لمصيرها حتى إشعار آخر دون محفزات اميركية او افكار لبلورة مخارج من الازمة التي يعيشها؟
ويسألون ايضاً: «هل يمكن لواشنطن ان تعين سفيرا وترسله الى لبنان في غياب رئيس الجمهورية؟
يبقى ان ثمة طبقة معروفة بطبقة الصالونات السياسية التي اعتاد روادها على الوشوشات الاميركية اليومية، هي وحدها التي قد تشعر باليتم بعد نقل دايفيد هيل.