اذا كان «امن الجبل الدرزي فوق كل اعتبار» بالنسبة الى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط والمير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب الذين توافقوا بطريقة او باخرى على حماية الموحدين الدروز كونهم من اصغر الاقليات في المنقة، فان هذا الشعار كثيراً ما تعرض للاهتزاز بفعل الرياح العاتية التي تعصف برقعة الشرق الاوسط، الا انه حتى الآن نجح الاقطاب الثلاثة في تجنيب الرقعة الدرزية الفتنة التي اطلت برأسها اكثر من مرة بفعل خلاف المعنيين حيال المجريات السورية، حيث يقوم جنبلاط بدعم المعارضة السورية ويحاول تطبيع الاوضاع مع تكفيريي «جبهة النصرة»، في وقت يقف فيه ارسلان ووهاب الى جانب النظام السوري اضافة الى دعمهما دروز حضر ومحيطها من البلدات الدرزية بما توفر لديهم من سلاح ومقاتلين وكذلك الامر بالنسبة لمدينة السويداء التي تشكل نقطة وثقل الموحدين الدروز في جبل العرب، والتي كانت عبر تاريخها حاضنة «الثورة السورية» التي اعلنها سلطان باشا الاطرش ضد الانتداب الفرنسي كما تقول اوساط درزية مطلعة.
وعلى الرغم من الخلاف في الرؤية والمواقف بين الثالوث الدرزي الا انه نجح حتى الان في الجمع بين الماء والنار في صفوف الطائفة، ولكن هل يستطيع العبور بالموحدين الى برّ الامان في ظل تسارع المجريات السورية بعد اغتيال وحيد البلعوس الذي كان يشكل حالة فريدة في السويداء من خلال اتباعه سياسة استقلالية اذا جاز التعبير اذ وقف في المنطقة الوسطى بين التكفيريين والنظام السوري، حيث كان يقاتل بشراسة التكفيريين لا دعما لدمشق وانما لقناعته بأن «النصرة» ومشتقاتها تشكل خطرا وجوديا على الدروز بينما لم يقاتل الجيش السوري على الرغم من علاقته بالمعارضة السورية بل تجنب ذلك كونه ادرى بشعب السويداء وفق الاوساط الدرزية فقد آثر البلعوس الامساك بالعصا من وسطها ببراعة.
وتضيف الاوساط ان تداعيات اغتيال البلعوس على الساحة الدرزية كادت تحدث فتنة بين دروز السويداء كون معظمهم يقاتلون التكفيريين كتفا على كتف مع الجيش السوري ولولا الفتوى التي صدرت عن المرجعيات الروحية الممثلة بشيوخ العقل والشيخ ركان الاطرش المرجع الروحي الاول لتحولت المدينة الدرزية الى اتون يأكل ابناءه وما ساهم في تهدئة الاجواء اعتراف المتهم وافد بو ترابة بتنفيذ الجريمة لصالح «النصرة» امام مشايخ العقل يوسف جربوع وحمود الحناوي وحكمت الهجري واما ركان الاطرش المرجع الروحي الاول بحضور عبد الله باشا الاطرش نجل سلطان باشا الاطرش.
ولعل اللافت وفق المعلومات ان وافد ابو ترابة وصل الى مطار بيروت من تركيا في 24/8/2015 وانتقل الى احدى بلدات منطقة راشيا ومنها انتقل الى قلعة جندل السورية الدرزية ومن ثم انتقل الى درعا فالسويداء حيث كلف بتنفيذ اغتيال البلعوس بسيارة مفخخة حصدت ما يناهز الاربعين قتيلا في صفوف الدروز، وقد بدأت تداعيات التفجير تتردد زلزاليا على الرقعة الدرزية في لبنان حيث انقسم الثالوث الدرزي بين متهم للنظام السوري بانه يقف وراء العملية بعدما وصف جنبلاط ابو ترابة بأنه احمد ابو عدس الدرزي، معلنا تقبل التعازي في دار الطائفة الدرزية في بيروت والمشاركة في صلاة الغائب التي تقام اليوم على ارواح الشهداء، بينما اتصل ارسلان بالرئيس السوري بشار الاسد وبالمرجع الروحي الاول الشيخ ركان الاطرش معزيا، وهذا ما اشعل مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة لجنبلاط، حيث قامت بشن حملة شنيعة ضد المير موجهة اليه اقذر الشتائم، بالاضافة الى رفع يافطات في منطقة عاليه هاجمت فيها الرئيس السوري ونظامه ما رفع الحساسية بين الارسلانيين والجنبلاطيين وكادت تصل الى حدود الفتنة لولا تدخل جنبلاط واتصاله بالمير وطلبه من انصاره ازالة اليافطات وسحب الشتائم عن مواقع التواصل المحسوبة عليه.
وتقول الاوساط الدرزية ان الطائفة لم تعد تحتمل خضات في ظل الخلاف على المواقف من النظام السوري وتتساءل لماذا اقام جنبلاط صلاة الغائب على روح الضابط المنشق خلدون زين الدين الذي سعى الى تفجير السويداء قبل مصرعه ولماذا لم ينسحب الامر، اي اقامة صلاة الغائب على ارواح شهداء مجزرة قلب لوزة التي ارتكبتها «النصرة» في جبل السماق، علما ان عددهم فاق المئة بين قتيل ومفقود، ووضعها جنبلاط في خانة الخلاف الفردي لاسترضاء «النصرة».فهل يعلم ابو تيمور اي خطر يحيق بالدروز، ويلجأ الى تفكيكه كون الدروز يحملون في داخلهم صاعق تفجيرهم، لا سيما ان الامور على الساحة الدرزية شارفت على الفتنة؟