IMLebanon

لماذا لا تلجأ السلطة الى «العين بالعين والسنّ بالسنّ»؟ أسرار بين «النصرة» و«داعش» و«هيئة العلماء المسلمين»

لا شك بأن المنطقة برمتها مقبلة على تغييرات زلزالية وفق الواقع الميداني في معظم الدول التي ضربتها عواصف «الربيع العربي» بعدما تحول هذا الربيع الى شتاء جليدي قاتل يؤسس لتقسيم المنطقة انطلاقاً من الرقعة السورية التي تشهد فرزاً ديموغرافياً وفق المتابعين لاندفاعة الفوضى الخلاقة وكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري حول «تقسيم المقسم» الا الدلالة بالاصبع على ذلك وفق الاوساط الضليعة بالكواليس الاميركية.

ولعل البارز وفق المجريات ان مخطط هنري كيسنجر قد انزل عن الرفوف في مراكز صناع القرار ووضع على نار حامية يؤدي في المحصلة لتقسيم المنطقة فالمخطط الكيسنجري لم تنفذ صلاحياته بعد، وان المتطرفين في صناعة القرار الاميركي والمرتبطين مباشرة باللوبي الصهيوني يدفعون منسوب تصعيد الاقتتال في سوريا كحلقة اخيرة كانت تشكل عقدة الممانعة في صد المخطط المذكور، ومع سقوط النظام السوري تصبح الحلبة نظيفة امامهم بعد زوال آخر عقبة في وجههم.

وتضيف الاوساط ان الاحداث التي غيّرت وجه المنطقة بدءا من تونس مروراً بليبيا وصولاً الى مصر عبوراً الى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، هي عبارة عن سلسلة حلقات مرتبطة ببعضها البعض، واذا كانت الورشة الاميركية قد نفذت الانتفاضات دفعة واحدة، فان الادارة الاميركية بدأت تفرز الحلقات واحدة تلو الاخرى لمعالجتها جميعاً بالتقسيط وبالدور وفقاً للاولويات في المصالح الاميركية في المنطقة وان دول الخليج لن تسلم من هذه اللعبة الجهنمية، وان واشنطن لم تحرك الاحداث فيها كون دورها لم يحن بعد ولانها ضرورة نفطية لها من جهة، وكونها لا تشكل خطراً على اسرائىل من جهة اخرى، وهذا ما يفسر قمع الحوثيين اليمنيين عندما اجتاحوا مناطق متاخمة للسعودية، وضرب الانتفاضة الشعبية العارمة في البحرين.

وتقول الاوساط ان «الفوضى البناءة» وفق التوصيف الاميركي قد حققت عدة انجازات وفق الاجندة الاميركية وفي طليعتها احلال الامن الذاتي لدى المركبات الاجتماعية للدول التي اجتاحتها الفوضى المذكورة ففي العراق حيث لا يخلو نهار من عشرات القتلى بفعل السيارات المفخخة واجتياح «داعش» معظم المحافظات السنية في العراق ودخول الاكراد كركوك ما يوحي ان مشروع جو بايدن نائب الرئيس الاميركي بتقسيم العراق الى ثلاث دول شيعية وسنية وكردية ينفذ ميدانياً على يد «داعش».

وتقول الاوساط انه ضمن اللوحة السوداوية في المنطقة بات الوضع الامني على الساحة غاية في الخطورة، لا سيما وان التكفيريين وضعوا الساحة المحلية في طليعة اولوياتهم انطلاقاً من جرود عرسال حيث قاموا بتصفية الشهيد علي البزال كردة فعل على اعتقال سجى الدليمي وآلاء زوجة ابو علي الشيشاني انس جركس قائد «النصرة» في جرود القلمون ما بات يكشف الكثير من الخبايا والخفايا في العلاقات بين التكفيريين من «النصرة» و«داعش» وبين «هيئة العلماء المسلمين»، اثر تحميل الشيشاني الشيخ سالم الرافعي المسؤولية عن عدم حماية زوجته واطفاله، وربما هذا الامر يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دور خالد حبلص وانصاره في المخطط التدميري الذي اعد للساحة المحلية حيث شكلت منطقة المنية ـ الضنية بيئة حاضنة وحامية لعوائل قيادات التكفيريين ولا يستبعد ان تكون المنطقة المذكورة مخبأ للكثير من الخلايا النائمة التي قد يتم ايقاظها في توقيت معين لاعادة عقارب الساعة الى الوراء كون شادي المولوي رجل «القاعدة» والرأس المدبر لا يزال متوارياً عن الانظار، ولعل اللافت على الساحة التكفيرية ما كشف عنه المولوي حول اتصالات جرت مع «النصرة» ابان معركة طرابلس من قبل احد اعضاء «هيئة العلماء المسلمين» خالد السيد و«الجبهة» لتصفية المولوي وفق مزاعمه، ما يشير الى ان التفكك داخل الحلبة التكفيرية بات واقعاً ملموساً وان اعلان الشيخ مالك جديدة حل الهيئة والعمل على تشكيل هيئة جديدة على خلفية استغلال اسم الهيئة للحصول على اموال طائلة من بعض دول الخليج يصب في هذه الخانة ما يطرح السؤال حول مصير المفاوضات مع الخاطفين الذين هددوا بتصفية جندي آخر بعد الشهيد البزال، فلماذا لا تلجأ السلطة الى الاسلوب الذي يفهمه التكفيريون جيداً «العين بالعين والسن بالسن والبادىء اظلم» وذلك بتنفيذ احكام الاعدام بالمدانين في سجن رومية او باعلان الاحكام العرفية المعروفة في الحروب عبر محاكم ميدانية، فالوحش التكفيري يجب ان يواجه بنفس الاسلوب الذي يعتمده وذلك اجدى من المفاوضات التي لا تصبح بين دولة وعصابة.