القضية الوطنية التي سترافقنا الى السنة الجديدة هي قضية العسكريين ورجال الأمن الذين أصبحوا قبل أشهر رهائن بيد تنظيميّ “النصرة” و”داعش” كشفت عن الهزال الوطني على أكثر من صعيد. ولا يفيد هنا حصر الاهتمام بالسرايا التي يقبع قبالتها منذ أسابيع مخيم أهالي الرهائن. ولهذا تحرّكت وفود الأهالي في اتجاهات عدة وصولاً الى طرح فكرة زيارة الرياض للقاء الرئيس سعد الحريري الذي لا شك في أنه سيستقبلهم ليرى كيف بإمكانه أن يساعدهم. لكن، وعلى رغم مضيّ أشهر على محنة هؤلاء، لم تظهر إشارة الى أن وفداً من ذويهم سيزور الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ونأمل أن يحصل العكس.
بسبب تعقيدات هذه القضية كثرت الاجتهادات ومنها أن نشاط الوزير وائل أبو فاعور المميّز بتكليف من النائب وليد جنبلاط على هذا الصعيد مردّه الى أن عدداً من الرهائن هم من الطائفة الدرزية. فهل هذا يعني أن رجل الأمن الشيعي علي البزال الذي قضى شهيداً، وهو الاخير بين الشهداء من بين الرهائن الذين قضوا نحبهم حتى الان، قد تجاهله أرباب طائفته وهو “حزب الله” تحديدا”؟ من تسوؤه هذه المقاربة الطائفية، بإمكانه الذهاب الى مقاربة أوسع تعيد الامور الى نصابها الوطني. فالكل يعلم ان أزمة الرهائن هي نتاج الحرب التي شنها “حزب الله” في سوريا ولا سيما في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية في القصير مما دفع بالآلاف من مقاتلي المعارضة الى الالتجاء الى جرود القلمون التي استقرت فيها كل تلاوين الحرب، ومن بينها “النصرة” و”داعش”. ربّ قائل: ماذا تفيد الآن العودة الى الدفاتر القديمة؟ الجواب بالتأكيد هو عدم الفائدة. غير ان الدفاتر القديمة أنجبت دفاتر جديدة وآخرها ما حققته عملية التفاوض الناجحة التي قام بها “حزب الله” مع خصومه واستعاد بنتيجتها أحد أسراه مما أطار صواب أهالي الرهائن. إذن، إن ما يحرّك اقتراح أن يتوجه وفد أهالي الرهائن الى الضاحية الجنوبية لبيروت للقاء نصرالله هو للوقوف عنده على أسرار هذا الدفتر الجديد الذي ثبتت فوائده مقابل فشل دفتر التفاوض الرسمي الذي يكاد يصبح قديماً.
لا ضير أن تكون الرياض أقرب من الضاحية الجنوبية أمام الأهالي. لكن وبما أن الحريري لا يمتلك في تاريخه كله تجربة عسكرية، عليه “أن يستعين بصديق” على غرار العبارة التي يتم تردادها في أحد برامج التلفزة. و”الصديق” هنا هو نصرالله الذي دعا “المستقبل” الى الحوار مع حزبه، والتحضيرات قائمة على قدم وساق لتحضير طاولة الحوار. فلتكن هذه الطاولة مناسبة ليطرح ممثل الحريري ملف الرهائن وليطلب من محاوره إسداء المشورة الى الأهالي الذين يتقلّبون على جمر التهديدات كي يستعيدوا أبناءهم كما استعاد الحزب أسيره. لكن كيف يمكن طرح موضوع الرهائن على طاولة الحوار و”حزب الله” اشترط مسبقاً أن يخلو جدول الأعمال من الحديث عن الحرب السورية؟ قد يكون المخرج من هذه المعضلة اعتبار طلب المشورة من الحزب هو بصفته خبيراً فقط آت من خارج المنطقة.