Site icon IMLebanon

لماذا قرّر أوباما «إعلان الطوارئ» في لبنان؟

ليس طبيعياً أن يتجاهل اللبنانيون إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل اسبوع استمرارَ حال «الطوارئ الوطنية» في لبنان التي أصدرها الرئيس السابق جورج بوش عام 2007 «للتعامل مع التهديد القائم في لبنان الذي تشكله جهاتٌ تسعى إلى تقويض الحكومة«. ولم يصدر حتى اليوم أيّ تعليق على هذا الموقف رغم أهميّته في مثل الظروف التي تعيشها المنطقة ولبنان. فما المقصود؟

يشير تقرير استخباري الى تلك المرحلة معدِّداً الوقائع والأحداث التي وُلد فيها هذا القانون الذي تمّ تجديد العمل به أخيراً، وتحديداً تلك التي شهدتها الأشهر التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005 ومسلسل الإغتيالات الذي استمرّ نحوَ عامين ونجا منه البعض بأعجوبة ودفع آخرون حياتهم ثمناً لها، بهدف تعطيل النصاب القانوني والدستوري في الحكومة الذي توقف عدد اعضائها عند حدوده القصوى بـ 17 وزيراً بعد اغتيال الوزير بيار امين الجميل.

لا يرى معِدّو التقرير أيّ شبه في الشكل بين تلك المرحلة وبين المرحلة التي يعيشها لبنان اليوم إلّا من باب الربط الذي يمكن إجراؤه عند البحث في «منع انتقال السلاح الى حزب الله» وهو ما شدّد عليه أوباما مخاطِباً الكونغرس في 30 تموز الماضي، مبرِّراً تجديد العمل بالقانون بـ «استمرار أفعال معيَّنة مثل تسليح ونقل أسلحة متطوِّرة إلى حزب الله».

مؤكداً أنّ تلك الأفعال «لا تخدم سيادة لبنان وتعمل على زعزعة السياسة والاقتصاد الداخلي». إضافة إلى تشكيلها «تهديدات بالغة وغير اعتيادية لأمن الولايات المتحدة القومي وسياستها الخارجية».

وطالما أنّ الأمر مرتبطٌ بسلاح «حزب الله» على هامش الحرب التي يخوضها في سوريا بالتكافل والتضامن مع القيادة الإيرانية الى جانب النظام، فإنّ ذلك الإجراء يعني إيران بالدرجة الأولى. بعدما تلازم وتنديد وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر أمام الكونغرس بـ «الانشطة المؤذية» لإيران في الشرق الاوسط في محاولة لاسترضاء اعضاء الكونغرس المعارضين للاتفاق النووي.

فإيران هي المتهَمة بأنها المصدِّر الرئيس للسلاح لدى «حزب الله» والنظام السوري في آن. وهو يهدف الى مواجهة التمدّد الإيراني في المنطقة عبر توجيه رسالة واضحة الى طهران مفادها أنّ ما تقوم به منذ زمن في سوريا ولبنان واليمن قد بات من التاريخ.

فالإلتزامات في «اتفاق فيينا» التي لا تشمل فقط آلية مراقبة المنشآت النووية الإيرانية فحسب، بل إنها تفرض عليها التعاون من أجل إرساء السلم الدَولي في المنطقة وتخفيف أجواء التوتر في المناطق الملتهبة التي تلعب فيها دوراً بارزاً في مواجهة أطراف من الداخل والخارج على حدٍّ سواء.

على هذه الخلفيات، برَّر التقرير لجوءَ أوباما وإدارته وحلفائها في العالم الى الإستمرار في تحييد لبنان قدر الإمكان عن اللهيب السوري وتزويد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى العتاد والأسلحة المتطوّرة الى جانب حضّ عدد من الدول الغربية على أن تحذوَ حذوها.

وتشجيع المملكة العربية السعودية للإستمرار في دعم لبنان من خلال هبتي المليارات الأربعة التي أقرّتها لتزويد الجيش السلاح الفرنسي بثلاثة منها وتمكين الأجهزة الأمنية والإستخبارية من التسلح وتوفير مقوّمات المواجهة المفتوحة مع الإرهاب بالمليار الرابع.

وفي الخلاصات توقّف التقرير عند اعتبار الإجراء واحداً من سلسلة تدابير مقترَحة على أوباما في مواجهة المدّ الإيراني بعدما تجاهل العالم الذي فاوض طهران في ملفها النووي ما يجري في مناطق التوتر من العراق الى سوريا فاليمن ولبنان.

مراهناً على أنّ إيران ستستفيد من المليارات التي ستستعيدها بعد فكّ العقوبات في تقوية الإقتصاد وإعادة بناء البنى التحتية ولإعادة النظر في نظمها المالية لتعود الى الأسواق العالمية وتقوية تيار المعتدلين في نظامها والذي يقوده الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في مواجهة قادة الحرس الثوري الإيراني الذين يتّهمون المفاوض الإيراني بتوقيع «اتفاق مُذِلّ» لبلادهم.

ولذلك يتوقف التقرير عند اعتراف اوباما الخميس الماضي في حديث مُتلفَز بأنه ليس «ساذجاً» الى حدِّ أن يصدق أنّ إيران ستستخدم ملياراتها المُستعادة في التنمية والتطوير الداخلي بمقدار ما ستكون سلاحاً إضافياً لتعزيز قدرات حلفائها في الحروب التي تخوضها في المنطقة.

ولذلك فإنه لن يتصرّف إلّا على هذا الأساس. وهو ما طرح السؤال جدّياً: هل سيتوقف تطبيق حال الطوارئ هذه في لبنان فحسب؟ أم أنه تجربة خاضعة للتوسّع والتعميم على دول المنطقة؟