IMLebanon

لماذا رفضت باريس طلب الحريري؟

بين خطاب امين عام حزب الله الاربعاء الماضي بمناسبة ذكرى عاشوراء، و«الرد» البطريركي المنتظر الاحد على ما طرحه السيد، على وقع هتافات «يا شعب لبنان العظيم» في اعادة تجسيد لما شهدته طرق قصر الشعب نهاية الثمانينات، وما بين تلك المحطات من سفرات استطلاعية حريرية وتغريدات لبيك زغرتا، آخرها فيلم لسيارة «برتقالية» تسيَّر عن بعد، تحوم داخل غرفة مغلقة وترتطم مرارا بالجدران والابواب وتدور في أرضها ،مقابل تغريدة غير «مفهومة» للمختارة عن «السلل»، تشهد الساحة الداخلية تركيب معادلات غريبة عجيبة تجمع تناقضات وتحيي اعراف، تزيد من الانهيارات وفقدان التوازن الذي تعيشه الدولة اللبنانية بمؤسساتها.

مصادر مستقبلية اشارت الى ان مسار الاحداث وما يستشف من خطاب السيد حسن نصر الله ، يؤكد استمرار القرار الايراني بتعطيل الرئاسة ما دامت التسويات الاقليمية لم توضع على السكة ومقايضات تقاسم الحصص لم تحصل، مقابل الابقاء على هامش للحزب يتحرك ضمنه تحت سقف الستاتيكو السياسي المتحكم بالوضع الداخلي لجهة التمسك بالاستقرار وفق ما تبين من خلال الدعوة الى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية وتحديدا الحكومة ومجلس النواب،وهو ما تبينه عودة حارة حريك الى طاولة مجلس الوزراء، معتبرة ان اي اتفاق ثنائي بين الرئيس الحريري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح على رئاستي الجمهورية والحكومة، لن يكون كافيا في ظل غياب «الضمانات» المطلوبة لتنفيذه ، خصوصا في ظل الحملة التي يقودها الحزب ضد السعودية والتي يستحيل معها توليه رئاسة حكومة ستضم في عدادها «حزب الله» المتّهم عربياً، وتحديداً خليجياً بالارهاب، وتكشف المصادر نفسها عن ان الشيخ سعد لم يحدد موعدا لانهاء مشاوراته او لاعطاء جواب نهائي لان المسعى الذي يقوم به مفتوح حتى يتم الوصول الى نتيجة، بسبب الترابط والتشابك القائم بين الداخل والخارج على الصعيد الرئاسي الذي بات مرتبطاً بملفات اخرى لا تقل اهمية،من هنا جولاته الخارجية على عواصم القرار المعنية بالملف اللبناني.

وفي معرض ردها على الكلام بان على الحريري اعلان تبنيه ترشيح العماد عون قبل اتفاق مكونات الثامن من آذار عليه مرشحا وحيدا، والذي تعتبره يدخل في باب الابتزاز الذي لن يمر، تؤكد مصادر الازرق ان خارطة طريق عون الى بعبدا واضحة، توجيه السيد دعوة الى الحوار برعايته لاقطاب فريقه المتخاصمين، لتوحيد موقففه ورص صفوفهم خلف ترشيح عون لعدم تفويت فرصة فتح أبواب القصر الرئاسي امام شخصية من صلب جسمهم السياسي، وبالتالي عدم البقاء في موقع المتفرج.

وفيما تبقى الرئاسة أسيرة القرار الاقليمي،على ما تكشف المعطيات، تؤكد مصادر دبلوماسية غربية في بيروت، ان المحطات الخارجية لم تنجح في احداث اي خرق في جدار الازمة ، اذ بحسب ما رشح عن لقاءات الحريري الباريسية لا شيىء يحمل على التفاؤل ، مع «تهرب» باريس من المبادرة مجددا في اتجاه طهران الثابتة على موقفها في ظل اجواء اقليمية غير مؤاتية راهنا للقيام بواسطة فايران لم تبارح مربع المطالبة بثمن باهظ مقابل الافراج عن ورقة رئاسة لبنان ولا شيء تبدل منذ الوساطة الفرنسية الاخيرة، وهو ما سمعته ممثلة الامين العام للامم المتحدة المقيمة في لبنان خلال زيارتها منذ ايام الى طهران.

التيار الوطني الحر الذي فعّل جولاته، حاطا رحاله في بيت كتائب الصيفي، وسط تضارب في مضمون التصريحات بين الطرفين، انهى تحضيرات الزحف نحو القصر الجمهوري ، وسط تضارب المعلومات عن امكانية الاطلالة المباشرة للعماد عون على جمهوره، والتي لم يحسم القرار بشأنها حتى الساعة لعدة اسباب، بحسب مصادر الرابية، كاشفة ان «الجنرال» منكب حاليا على كتابة الكلمة التي سيلقيها ، واصفة اياها بالوطنية المرنة والموزونة ، بعيدا عن التشنجات، والتي ستأتي في السياق ذاته لاطلالته التلفزيونية، والتي تصلح لان تكون «خطاب قسم»،  مؤكدة ان لجان التنسيق ومسؤولي الانضباط سيعملون على حصر الشعارات والهتافات بقدر الامكان كي لا تسيء الى اي من الفرقاء.

من جهتها اشارت المصادر في تيار المستقبل، الى ان الامين العام العام لحزب الله لم يقدم جديدا في المضمون، فهو باع الحريري من جيبه عندما اشاد بشجاعته في المبادرة نحو العماد عون ، ليقينه ان المبادرة الحريرية هدفها الحاجة لرئاسة الحكومة، مقرة أن ما يعيق خروج رئيس تيار المستقبل لاعلان تأييد ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» هو عدم حصوله حتى الساعة على جواب سعودي واضح وصريح، معتبرة ان كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله كان عبارة عن سلة جديدة واوسع من سلة الرئيس نبيه، ما ينتظر معه رد فعل حاسم للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة يوم الاحد.

وتلفت اوساط سياسية مطلعة  الى ان لا امكانية حتى الساعة على الاطلاق لتبيان ما اذا كان اتجاه الامور سلبيا او ايجابيا، وان كانت اشارات الساعات الاربع والعشرين الآتية من الرياض غير مشجعة ، وكذلك ما سمعه زوار سفير دولة كبرى في بيروت، متهمة في هذا الاطار بعض الفرقاء الذين يزورون السعودية بالسر بعرقلة وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة عبر القول للسعودية ان ما يحصل هو تسليم لبنان لإيران.

حصيلة الحراك على الخط الرئاسي وما تمخضت عنه اللقاءات المكوكية بين الداخل والخارج لا يشي بتوافر دعائم ثابتة من شأنها ان توصل القطار الرئاسي الى محطته الاخيرة، رغم كل ما قيل ويقال والاجواء الايجابية التي تحاول الرابية بثها ،خلافا لاي منطق . ففي حسابات معركة رئاسة الحكومة تختلف أولويات الاسماء الرئاسية.