سعى الكرملين الى فرض الرئيس السوري بشار الأسد شريكاً للائتلاف الدولي في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”. اقتراحه تشكيل تحالف موسع لمحاربة التنظيم كان هدفه الأول تعويم الأسد تحت غطاء محاربة الإرهاب. وعندما أخفق في تسويق خطته بالسياسة حاول أن يفعل ذلك بالقوة معمّقاً انخراطه العسكري في النزاع ومحاولاً تعزيز موقعه وموقع حليفه في أي تسويات سياسية محتملة.
في الأشهر الأخيرة، شكلت موسكو محوراً لجهود ديبلوماسية مكثفة سعياً إلى إيجاد مخرج للأزمة السورية. انخراطها في تجريد النظام من ترسانته الكيميائية المعلنة، وفّر لها اعترافاً عربياً وخليجياً بدور سياسي في سوريا. ومع انتهاء “مفعول” السيناريو الكيميائي الذي أعاد الأسد إلى قلب المعادلة السورية، حاولت تعويمه مجدداً بذريعة جديدة وقالب جديد.
الرد الحاسم لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي رفض أي دور سياسي أو عسكري للأسد ضمن الحرب على “داعش” والانتقال السياسي في البلاد، قوض الآمال الروسية. لم يعد أمام الكرملين خيار إلا الانتقال الى “الخطة ب” التي اختار وقتاً مناسباً لتسويقها.
على عتبة دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة ارتأت موسكو رفع سقف المواجهة. أقرت بجهودها لتحصين الأسد ودعم معاقله بعتاد وأسلحة نوعية وكذلك بمزيد من المدربين والمستشارين.
الهدف الأساسي لموسكو هو حماية الأسد بحد أدنى من التدخل وضمان الحفاظ على دور له وتاليا على نفوذ روسي في سوريا. ولعل تذرعها بتعزيز قدرة النظام على مواجهة المتطرفين، يهدف أيضاً إلى إحراج واشنطن التي تواجه انتقادات كبيرة لخطتها من أجل إضعاف “داعش” تمهيداً للقضاء عليه.
الحفاظ على الستاتيكو في سوريا مهم جداً للكرملين. ومع ذلك، ليس متوقعاً أن يبلغ حد إرسال جنود إليها. في تقديرات خبراء روس أن الوضع قد يكون صعباً، ولكن لا خطر وشيكاً على الأسد بعد. وجرّ روسيا إلى دور مباشر في الحرب مجازفة خطرة.
الأسبوع الماضي حدد بوتين رؤيته للحل في سوريا. في تقديره أنه ينبغي أن تسير العملية على خطين متوازيين، الأول محاربة “داعش” والثاني الانتقال السياسي من طريق انتخابات نيابية مبكرة وحكومة تضم المعارضة “المعافاة”.
… عندما سيقف الرئيس الروسي للمرة الأولى منذ عشر سنين أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وفي الاجتماع الذي دعت إليه الإدارة الأميركية في 27 أيلول للبحث في سبل مواجهة “داعش”، سيسعى بوتين أمام العالم مجتمعاً إلى فرض نفسه والنظام السوري شريكين أساسيين في صد الجهاديين في سوريا وتالياً ضمان موقعين متقدمين لهما في أي عملية سياسية مرتقبة.