IMLebanon

لماذا التذكير بـ«المارونية السياسية» و«ورثتها»؟

عندما يترحّم المسيحيون على زمن «أكل الثمار»

لماذا التذكير بـ«المارونية السياسية» و«ورثتها»؟

 

حين تُعَلَّق القضايا الوطنية والملفات السياسية الشائكة على مشجب عطلة الاعياد، تفرض بعض المواقف نفسها لتحتل الاهتمام. يندرج في هذا الاطار كلام لرئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك. فهو أكد أنه «لن نقبل بالعودة إلى الماضي حيث كانت المارونية السياسية، كما لن نقبل بتسمية سياسية أخرى رديفة».

كان يمكن اعتبار كلام الوكيل الشرعي العام للخامنئي في لبنان من المواقف «التقليدية» المتناسخة من «المارونية السياسية». كلام، كما الكثير من «الكليشيهات»، تكرّس من دون اعادة تعريف او قراءة او حتى تحديد دلالاته ومقاصده. ساهم في ذلك ان تلك «المارونية السياسية» خرجت مهزومة من الحروب التي بدأت وبدت، في أحد وجوهها، عليها. ولا حاجة الى الإشارة إلى ان الزمن الذي تلا انتهاء الاعمال الحربية في لبنان، الى اليوم، لم يسمح لا بمناقشة ولا بمراجعة ولا بتقويم اي من الحقبات والأحداث، فكيف بالمسميّات؟.

الا أن الاهتمام بكلام يزبك لا يأتي من مفهومه لـ «المارونية السياسية» ودلالاتها، انما مِن المستهدَف منها. فقد فسّر كثيرون أن هذا التهجم يُقصد منه بشكل غير مباشر التصويب على التقارب والتوافق بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». وهو يعكس، بحسب نائب مسيحي، «انزعاج حزب الله والكثير من جمهوره من تلاقي هذين الحزبين، بما يوحي وكأنه استنهاض لعصبية مسيحية ما. وقد يكون ذلك قد ورد في خلفية تلاقي الحزبين، خصوصا انهما اختبرا ان سقوط الاول يعني حكما محاصرة الثاني واسقاطه. فينطبق عليهما المثل القائل: اُكلت يوم اكل الثور الابيض».

لكن النائب نفسه، كما عدد من زملائه النواب، يعتبرون أن «المعني الاول بمثل هذه المواقف هو، ضمنيا، العماد ميشال عون». يشرح النائب وجهة نظره قائلا: «ان العماد عون لا يوفّر مناسبة الا ويؤكد فيها أنه الزعيم المسيحي الاقوى والاكثر تمثيلا. وهو حامي حقوق المسيحيين والساعي الى اعادة مجدهم. بذلك يكون الابن الشرعي للمارونية السياسية، والاكثر تجسيدا لها بعد بشير الجميّل. هو، وبعض رموز تياره، من يحملون خطابها في كثير من مواقفهم وانحيازاتهم وخياراتهم السياسية. حتى في بعض سلوكياتهم يطبقون قواعد تلك المرحلة». يضيف النائب المسيحي: «اذا كانت اكثر المآخذ على المارونية السياسية تتمثّل في محاولتها الاستئثار بالسلطة وتفضيلها الخيارات الوطنية الكبرى على قياس مصالح بعض زعمائها، فان عون هو التجسيد الفعلي لكل ما تمثله المارونية السياسية. بالتالي فان يزبك كان يعنيه بشكل مباشر في انتقاده عدم القبول بعودة اي شكل من اشكال المارونية السياسية».

لا يتوقف مسؤول في «التيار الوطني الحر» عند كلام يزبك ولا عند ما يُنقل اليه من تحليل لمقاصده. ويعتبر أن «كل محاولات الايقاع بين حزب الله والتيار الحرّ لن تصل الى مبتغاها». لكنه يصر على التأكيد أن «أداء التيار الوطني والعماد عون هما فوق اية شبهة طائفية. نحن نحرص على التوازن الوطني لانه مدخل لكل عدالة سياسية واجتماعية». ويرفض اعتبار العماد عون «الابن الشرعي للمارونية السياسية، الا اذا كان المقصود ايجابيات تلك المرحلة من ازدهار لبنان على كل المستويات، والاستقرار الامني والسياسي وتداول السلطة والبحبوحة الاقتصادية».

يبدو جليّا أن التوصيف الايجابي لـ «تلك المرحلة» يحمل ضمنا بعض الاعجاب بها، وهو اعجاب يتشارك فيه مسؤولون في «التيار» كما كثير من المسؤولين في الاحزاب السياسية المسيحية عموما.

حتى رجال الدين المسيحيون ممن كانت لهم مآخذ على «المارونية السياسية» يترحمون عليها. ولعل العبارة الاكثر رواجا هو ما قاله احد الاساقفة المتقاعدين في التأسف على واقع الحال في بدايات الالفية الثانية. فقد قال يومها ان «المارونية السياسية اكلت كل ثمار السلطة، اما السنيّة السياسية والشيعية السياسية، فقد أكلت الثمار والبذور وستترك الارض بورا».