تتواتر شكاوى زوار لبنان من دول الخليج، وخاصة حاملي الجنسيتين السعودية والقطرية، من تعرّضهم للمضايقة وسوء المعاملة في مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي، عند الوصول ولدى المغادرة.. وقد بدأت هذه الحالات تطفو على السطح، الأمر الذي استدعى إثارة الموضوع علناً وعبر صفحات «اللواء».
في المبدأ، وفي حال وجود أشخاص على قائمة الإرهاب أو الإجرام، فإنه يتم القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء المختص لإجراء اللازم وفق القانون.
وفي حالات الاشتباه، فإنه يحق للأمن العام – بل يجب عليه – أن يجري التحقيق المطلوب، وفق قواعد القانون، فيحال المجرمون على القضاء، ويتم تبرئة من لا تثبت إدانته، وهذان أمران لا يجوز الاختلاف عليهما.
في الحالة الأولى، ومع وجود مجرمين، لا يجوز التهاون إطلاقا، ولا يجب السماح بأي تلكؤ، وإذا وجد أشخاص بهذه الخطورة، فيجب التصرف معهم كمصدر للخطر على لبنان وعلى الدول التي يحملون جنسيتها.
وفي الحالة الثانية، وبعد إنجاز التحقيق المطلوب، واستكمال الإجراءات، واتضاح براءة الأشخاص الخاضعين للتحقيق، فإنه لا يجوز بعد ذلك «إخضاعهم» لسلسلة طويلة ومتواصلة من المضايقات في المطار في الذهاب والإياب، إلا إذا كانت هذه المضايقات متعمّدة ومقصودة، وهنا ترتسم عشرات علامات الاستفهام والتعجب؟؟!!
ما هو سبب التضييق الحاصل على عشرات المواطنين الخليجيين، والسعوديين بشكل خاص، الذين يأتون إلى لبنان في هذه الأيام الصعبة، لأنهم يحبون بلدنا ويحبون أهله، ولماذا تعريضهم لساعات الانتظار الطويلة والتحقيقات المملة، والمهينة أحيانا، ولماذا ردّهم ومنعهم من زيارة لبنان، إذا لم يكن عليهم شائبة؟
وإذا كان سبب المنع من الزيارة أمنياً، كما يقول البعض في المطار، فلماذا لم يُلْقَ القبض عليهم، ويُحالوا إلى القضاء؟
وما هي الآلية لاتخاذ قرار المنع؟
هل القرار يكون مستنداً إلى رأي القضاء؟ أم أنه مجرد اجتهاد لضابط مكنته الفجوة القانونية والسياسية الحاصلة حاليا من اتخاذ ما يحلو له من قرارات؟
السؤال الآخر:
ما هي الآلية القانونية الشفافة للمراجعة وتصحيح الخطأ عند وقوعه، خاصة أن للكثير من الخليجيين القادمين إلى لبنان مصالح وأعمالاً، بعضها تجاري واستثماري، وبعضها الآخر إنساني واجتماعي، وهم يبدون استعدادهم لتوضيح كل ما يلزم من تساؤلات لدى الأمن العام، لكن غالبا من يكون الرد بمنع مقابلة أي مسؤول والترحيل فورا..
ما هو سبب ارتفاع منسوب المضايقات للزوار الخليجيين هذه الأيام، وهل هي ممارسات فردية، أم أن احتقان البعض في السياسة تسلّل إلى المطار، فانعكس كيدية وإساءة متعمّدة للسعوديين ولبقية أهل الخليج، بعد أن سمعنا من مسؤولي «حزب الله» أكواما من الكره والعصبية والعنصرية، تجاه المملكة العربية السعودية، لا تستند إلى منطق ولا إلى وقائع..؟؟
وحتى لا يبقى الكلام مجرد توصيف، ونورد بضعة إشكالات مرت مع مواطنين سعوديين، على سبيل المثال لا الحصر:
(رجل أعمال): وصل إلى مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي الساعة السادسة مساءً من الرياض، وبقي رهن التحقيق والأخذ والرد حتى اليوم التالي في التوقيت نفسه، حين أُبلغ بمنعه من دخول الأراضي اللبنانية، وأُجبر على العودة للرياض دون السماح له بالحصول على أي استفسار بسبب رفض الضابط المناوب تقديم أي توضيح له، رغم أنه سبق أن دخل لبنان مرارا وتكرارا دون أي إشكال.
( محام) تم استجوابه وكان التركيز على سبب ذهابه إلى عكار. ورغم أن كل التحريات والمتابعات التي جرت، أثبتت نظافة ملف الرجل وعدم وجود أي إشكالات أمنية أو مالية، فقد تم احتجازه لساعات إضافية وسُمح له بالدخول.
متقاعد: يمكث في لبنان منذ أكثر من عشر سنوات، ويمتلك أرضاً ومنزلاً، وفي كل مرة يصل المطار، يتم توقيفه لبضع ساعات ثم يُسمح له بالدخول.
ــ صديقان سعوديان قدما إلى لبنان، ولدى وصولهما المطار، قصد كلٌ منهما شباكاً للأمن العام، الأول أفاد بأنه يريد زيارة عكار، والثاني، قال إنه سيمكث في بيروت، وهو عملياً سيبقى في العاصمة لمدة يومين قبل أن يكمل طريقه نحو عكار.. فتم إيقاف الرجل الذاهب إلى عكار، وإخضاعه للتحقيق، قبل أن يسمحوا له بدخول الأراضي اللبنانية.
هذه مجرد نماذج محدودة من شكاوى تتصاعد من مواطنين سعوديين باتوا يعيشون هاجس المطار، وما يمكن أن يتعرضوا له من مضايقات وإشكالات، ويتداولها المغادرون والقادمون من المملكة.
أما الإشكالية الأخرى، فهي لماذا التركيز على عكار في التحقيقات، وهل القدوم إلى خزان الجيش شبهة أو تهمة محتملة؟
يعلم الجميع أن «حزب الله» يهيمن في الأمن، كما يتسلّط في السياسة، ويتغوّل في الاقتصاد.. وجهاز الأمن العام، كما سائر الأجهزة، يعاني من تدهور أوضاع الدولة الموشكة على الانهيار.. ولكن اللواء عباس إبراهيم، استطاع خلال الفترة الماضية أن يقيم شبكة توازن سياسي، تعتمد على وجوده على رأس جهاز الأمن، وهو يحضر العدة لخوض الغمار السياسي الكبير بعد مدة، لا نعلم قربها أو بعدها..فهل يسمح بحصول مثل هذه الممارسات؟
بناءً على ما تقدم، فإنه وتجنباً لتفاقم ممارسات التضييق على الخليجيين، فإن المطلوب أن يحصل تنسيق وتفاهم مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، على آلية واضحة للتعامل مع الوافدين من الخليج، بحيث يتم تفعيل وسائل التقصي والاستعلام الأمني، وإيجاد آلية لتلقي الشكاوى وللمعالجة السريعة في حال وجود أخطاء، وإنهاء المضايقات والسماح بعبور طبيعي وآمن، واعتماد آليات مرنة للتثبّت الأمني والقانوني، تجنباً لحصول موجة من المخاوف مما يحصل مع الخليجيين في مطار بيروت الدولي فنخسر من تبقى من المهتمين والمحبين للبنان.