IMLebanon

لماذا «يشاغب» السنيورة…؟

عندما يصر رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة على «المشاغبة» على طاولة الحوار، ويحاول اخذ النقاش بعيدا عن اجواء التضامن الوطني السائدة اثر تفجير برج البراجنة، ويفتح ملفي «سرايا المقاومة» ومشاركة حزب الله بالقتال في سوريا، فهذا يعني بشكل واضح ان تيار المستقبل لا يزال يعمل وفق الاجندة نفسها ودون تغيير يذكر في مقاربته للتطورات المحلية والاقليمية، على الرغم من دخول «داعش» الدموي على خط الاحداث في لبنان والعالم. ويبقى السؤال لماذا لم يحصل التحول بعد؟

اوساط دبلوماسية في بيروت تدعو الى عدم تحميل «التيار الازرق» فوق طاقته، لانه لا يملك ترف اتخاذ القرار باحداث تحولات تؤدي الى تسويات، حتى الان لم تتخذ السعودية قرارا بانتهاج مقاربة جديدة للتعامل مع الاحداث في المنطقة، ومنها لبنان. اما السبب الحقيقي لهذا الامر فيتمثل في عدم تبدل الاولويات لدى التحالف التركي- السعودي- القطري، مواجهة ايران وحلفائها في المنطقة يبقى الاولوية، وتأتي هزيمة «داعش» فيما بعد.

وتلفت تلك الاوساط الى ان الثلاثي القطري – السعودي – التركي»، لا يشعر بضغط دولي للتراجع عن استراتيجيته في سوريا، على الرغم من كل «الضجيج» والاستنفار بعد هجمات باريس الارهابية، فبناء على نتائج المحادثات في أنطاليا على هامش قمة العشرين، لم يتوصل قادة تلك الدول الى خطة واضحة حول كيفية التصدي لخطر «التنظيم» وخرجوا بتفاهمات حول أهمية التعاون في مجال الأمن والمعلومات وتشديد الرقابة على الحدود وملاحقة مصادر تمويل التنظيم من خلال ضربها وتجميدها، وهي خطوات غير كافية للقضاء على خطر «داعش».

ووفقا لتلك الاوساط فان هذا التحالف لا يزال عند «نقطة» البداية فيما يتعلق بكيفية مواجهة تنظيم «داعش»، فحتى الان لم يتراجع هذا الحلف عن استغلال الموقف للفوز «بالجائزة الكبرى» في سوريا، الوفد السعودي ابلغ خلال مؤتمر قمة العشرين الوفود الغربية صراحة «بأن الاجراءات في العواصم الأوروبية لا تكفي لإبعاد شبح «الإرهاب»، والغارات على داعش لن تؤدي الى ذلك ايضا، المطلوب ارضاء الغالبية السنية «المعتدلة» في سوريا ومنحها بديلا عن حكم «الاقلية» العلوية، لان اي تسوية دون تنحية الرئيس السوري بشار الأسد ستعطي التنظيمات المتطرفة حافزا جديدا لنشر افكارها واستقطاب المزيد من الانصار، بينما حسم الحرب لصالح السنة يقدم نموذجا يمكن من خلاله تحفيز قطاعات شبابية واسعة على ترك العنف بعد ان يقدم لهم الغرب دليلا ملموسا على عدم وجود عداء لهم لمجرد انهم مسلمون سنة».

وفي هذا السياق، يبدو المشهد السوري شديد التعقيد، الاتفاق حول القضاء على «داعش» يحتاج الى آليات تنفيذية، الغرب لا يريد ارسال قوات برية، دعم القوات الكردية لن يؤدي الى تحقيق النصر لان الكرد لا يقاتلون إلا في مناطقهم، خيار الاصطفاف وراء الحلف الروسي- الايراني – حزب الله لا يبدو خيارا سهل «الهضم» لان من يقاتل على الارض يقرر لاحقا طبيعة النظام الجديد. ثمة رهان على قوة بديلة هي عبارة عن قوات تركية «بغطاء» خليجي – غربي لدخول الى مناطق محددة، قد تكون الرقة الهدف الاستعراضي الاهم الذي يحقق من جهة «الانتقام»، ويؤدي من جهة اخرى الى فرض واقع ميداني تستطيع من خلاله هذه القوى فرض «توازن» مع محور المقاومة.

اذا لماذا التراجع في بيروت؟ لا شيء يبرر ذلك، مبادرة السيد حسن نصرالله، فرصة لعزل لبنان عن الوضع «المتفجر» في سوريا، لكن السعودية لا ترغب في ذلك، الحقد على حزب الله يمنعها من تقديم اي تنازل، «الطريق» مع طهران ليست سالكة امام التسويات. المبادرة تحرج الرياض وحلفائها، رفضها علنا غير ممكن، القبول بها مع «ولكن» هو الحل الانسب لان «الشيطان» في التفاصيل، بعض تلك التفاصيل افصح عنها السنيورة بالامس، اعطى مؤشرا حول ملفين «سيفجران» اي تسوية محتملة اذا ما وضعتا ضمن «السلة». اما نصيحة اوساط بارزة في 8 آذار «للتيار الازرق»، «لا تراوغوا اقبلوا بتسوية الان، قد لا تكون شروط اتمامها متاحة في المقبل من الايام».