IMLebanon

لماذا تنفض 8 و14 آذار يديها من التظاهرات

لا يختلف اثنان بان القمع الذي مورس بحق المتظاهرين امام وداخل مبنى وزارة البيئة لإخراجهم عنوة منها مما ادى الى وقوع قتلى وجرحى وتوقيفات لا يمت بصلة الى الحياة السياسية والديمقراطية اللبنانية وليس انجازاً تفاخر به القوى الامنية التي اشتهرت بانجازات امنية في تفكيك الشبكات الارهابية واعتقال مئات الارهابيين والعابثين بالامن وذلك بسبب القسوة والوحشية في التعامل مع المتظاهرين، وهذا القمع الذي اعاد المتابعين بالذاكرة الى احداث كانت تحصل في دول عرفت بانظمتها الديكتاتورية والقمعية الظالمة.

إلا ان تحرك «طلعت ريحتكم» والمجموعات الشبابية التي نزلت الى الشارع باصرار تؤكد وبحسب مقربين منها، على ان تحركها بلا لون سياسي ولا تنتمي الى اي طائفة بل هي ولدت من رحم المعاناة الاجتماعية وقضايا الفساد المعششة في الحياة السياسية بعدما غزت الشوارع كل لبنان، مما حدا بالتحرك الى عزل السياسيين عنه ومنعهم من التظاهر معهم، فان هذا التحرك على مشروعيته واهدافه السلمية لم يحجب تساؤلات كثيرة حضرت الى ساحة الاعتصام والتظاهر، فالتحرك بدا ككرة الثلج يكبر بسرعة ليضم شرائح اجتماعية غاضبة ومجموعات لا احد يعرف لاي فريق تنتمي، وهو تميز بقدراته على الحشد السريع على غرار الاحزاب الكبيرة القادرة على التظاهر مما طرح علامات استفهام عن الجهات التي تقف خلفها، وبتساؤلات لمحمد رعد عن التظاهرة امام وزارة البيئة وحول برنامجها ومن يقودها بغض النظر عن احقية مشاريعها والمطالب التي تنادي بها، ليلاقيه وزير الداخلية من المحور السياسي الآخر متهماً دولة عربية يسميها لاحقاً بتهمة التمويل والتحريض على الدولة، فان السؤال اذا كانت كل المحاور السياسية لا تعبر عن هذه التظاهرة فهل يعقل ان نبض الشارع تحرك وحده ولماذا تنفض كل من 8 و14 آذار يديها منه؟

ترى اوساط سياسية ان تظاهرة الشعب والمجموعات الشبابية قد تكون تعبر عن نفسها من حالة القرف من الساسييين والفساد وتحركها المظلومية والقضايا الاجتماعية والسياسية والفساد المستشري ولذلك جرى استبعاد كل السياسيين عنها من 8 و14 آذار مع العلم ان الشعارات التي رفعت في الساحات هي شعارات فريق اساسي في 8 آذار ولكن التظاهرة ساوت بين الجميع في قضايا الفساد وما لحق بالبلاد، وعليه فان رئيس الاصلاح والتغيير اتهم المنظمين بسرقة شعاراته داعياً اياهم الى عدم المزايدة في هذا المجال.

ومن جهة اخرى ترى الاوساط ان التظاهرة على اهميتها تطرح علامات استفهام عن قدراتها وعن العنصر المفاجىء الذي حصل باقتحام وزارة البيئة، وحول اسباب استهداف المشنوق الذي لا ناقة له ولا جمل بملف النفايات الموروثة من العهود السابقة كما ان المشنوق لا يمت بصلة الى المتورطين بملفات فساد او من انتشرت فضائحهم بين الناس والمجتمع، إضافة الى خطورة اقتحام مبنى رسمي وما كان يمكن ان ينتج عنه من مضاعقات امنية خطيرة، فالربيع العربي الذي شهد تظاهرات حرية وديمقراطية وطالب بالتغيير انتهى الى تحول المتظاهرين الى مجموعات مجرمة وانحراف بعضها الى «داعش» و«النصرة» والوضع اللبناني لا يحتاج الى مزيد من الخربطة الامنية والسياسية فـ«داعش» و«النصرة» تحتل قسماً من الاراضي اللبنانية وسبق ان تسللت الى العمق اللبناني. عدا ذلك فان السؤال الاهم هو في اسرار التغطية الاعلامية الواسعة للتحرك وانحياز بعض الاعلام الى جانب المتظاهرين ضد الدولة.

من هنا تضيف الاوساط، فان خطورة الدخول الى مؤسسة رسمية والاصطدام مع القوى الامنية بغض النظر عن مشروعية التحرك فيما النفايات العضوية تملأ الشوارع اضافة الى النفايات السياسية المتنقلة، فان المخاوف واقعة لدى جزء من 8 ومن 14 آذار من ان يتحول التحرك المطلبي الذي تدور حول قدراته التنظيمية علامات الاستفهام الى ثورة لا يمكن ضبطها تزيد خربطة الوضع الداخلي في ظل غياب رئيس للجمهورية وتعطيل مجلسي الوزراء والنواب مما يجعل ربما الساحة اللبنانية شبيهة بالساحات العربية عندما انطلق «الربيع العربي». وبغض النظر عما ستؤول اليه نتائح تحرك الشارع التي ستظهر مع مرور الوقت بنتائجه وتداعياته سواء كان التحرك مدخلاً لحلول للازمة اللبنانية وتحريك للملفات الراكدة بدليل ان التحرك الاول اوقف صفقة تلزيمات النفايات، او كان التحرك مجهول النتائج فان الواضح تخوف شريحة من السياسيين من تداعياته فرئيس تكتل الاصلاح والتغيير اوفد الكثير من الرسائل في هذا الاتجاه من سرقة شعاراته وساحاته، الى المستقبل الذي ندد ياستقالة الحكومة وضرب وزيريه «المشنوقين»، الى حزب الله الذي وجه موقفاً معبراً وبهدوء بانه لا ينتمي الى هذه التظاهرات وقد جاء كلام محمد رعد ليدحض المصطادين في الماء العكر بان الحزب عمد الى تحريك الشارع من اجل مؤتمره التأسيسي.

بالخلاصة فان التحرك بحسب اوساط كثيرة انجز الكثير كونه حرك الوحول في المياه الراكدة وهو سيؤدي الى تغيير في الوضع السياسي وحلول للنفايات وربما للازمة السياسية، وهو ظهر حقيقة الوضع اللبناني وعجز الحكومة وعجزها وشللها الدائم.