يا أيها الرجل المعلِّم غيره
هلاَّ لنفسِك كان ذا التعليم.
أيها الطبيب طبِّب نفسَك
يرون القشة في عين غيرهم ولا يرون الخشبة في عينهم.
***
تحضُرني هذه الكلمات المحفورة بماء الذهب، حين أقرأ وأتابع لسياسيين وغير سياسيين كيف أنهم لا يرون في هذه الدنيا سوى قضية لشخص أو مشكلة عند شخص، تحديداً الرئيس سعد الحريري، فيُركِّزون كلَّ إهتمامهم وكأنه لم يعد في هذه الدنيا سوى دولته لنتحدَّث فيه أو نكتب عنه، فإذا عولِجَت هذه المشكلة نفتِّش عن مشكلة ثانية لنكتب عنها، وهكذا دواليك من دون النظر إلى مشكلات أخرى.
***
ما من لبناني بين اللبنانيين الأربعة ملايين والنصف مليون، إلا وعنده مشكلة ومأزق، كلٌّ بحسب موقعه وأهميته وواقعه:
من أصغر فلاح في أصغر قطعة أرض، إلى موقع وزير أو رئيس حكومة أو صاحب شركة أو مدير عام مؤسسة، فلماذا لا يتم الحديث عن هؤلاء جميعاً؟
ولماذا التركيز فقط على الشيخ سعد؟
لما لا نتحدث عن مشاكلنا العامة، إن في الضمان الإجتماعي أو الكهرباء، النفايات، فضائح الحرائق، المستشفيات، مشاكل السدود، الماء الملوّثة أينما كان ومشاكل الزراعة؟
***
مَن مِن الأحزاب والتيارات لا يمرُّ بأزمة؟
مَن مِن أحزاب وتيارات اليوم ليس عنده مشكلة؟
مَن مِن وسائل الإعلام ليس عنده ضيقة؟
الأحزاب والتيارات خفضت ميزانياتها وسرَّحت عدداً من كوادرها وخفَّضت رواتب البعض الآخر.
وسائل إعلام مكتوبة ومسموعة ومرئية سرَّحت عاملين لديها، وبعضها في طورِ موجة ثانية من التسريح.
معامل ومصانع على شفير الإفلاس.
كل ذلك يحصل فيما لا شغلة ولا عملة لبعضهم سوى الرئيس سعد الحريري.
***
السؤال هنا:
لماذا التركيز؟
هل لإعتقاد مَن يركِّزون عليه أنهم بهذه الطريقة يُخفون مشاكل الآخرين، وربما مشاكلهم أيضاً؟
ماذا يهدفون من هذا التركيز؟
هل استدراج المساعدات من أحد؟
***
كثيرةٌ هي التحليلات، وكثيرةٌ هي الإجتهادات، لكن ما هو أكيد أنَّ الكتابة عن مشكلة شخصٍ ما لا تُقدِّم أو تؤخِّر في هذه المشكلة، كل ما تفعله هذه الكتابة أنّها تكشف كاتبها وتكشف دوافعه لمصلحته الذاتية.
***
إلى السادة الذين يهوون أو يحترفون الكتابة، ما رأيهم لو يُركِّزون على مشكلات تؤثِّر في الأربعة ملايين ونصف مليون لبناني؟
ماذا عن الأزمة القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان في ما يتعلق بالوضع المالي والنقدي؟
هل يعرفون أنَّ القرار الأميركي تَمدَّد ليصل إلى أوروبا التي ستباشر إتخاذ الإجراءات ذاتها تقريباً التي إتخذتها واشنطن؟
هل سيدقون ناقوس الخطر أم سيبقون متلهِّين بأمور أكثر من شخصية.
***
أربعة ملايين ونصف مواطن ما عدا القلّة الضئيلة في جنة الحكم لا يتجاوز عددهم 1000 شخص، في حالة تعثر وضيقة ويأس وصامدون بقدرة إلهية آملين أن يأتي اليوم وتندثر الطبقة السياسية الحاكمة بأمر العباد والبلاد.