اقر مجلس الامن الإسرائيلي رسمياً قرارا بانشاء مستوطنة في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة، وهو قرار وقح يخالف كل القرارات الدولية، إضافة الى انه يكرّس الظلم الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني ويزيد من الخطر الصهيوني على العرب كلهم، فيما دول العالم التي تحدثت عن دولتين وتبنت الولايات المتحدة المشروع وأوروبا تتفرج على هذا الظلم الصهيوني بحق الفلسطينيين وترى كيف يتم اقتلاع القرى الفلسطينية وبساتين الزيتون والليمون وهدم المنازل الفلسطينية لاقامة مستوطنات إسرائيلية مكان القرى والحقول الفلسطينية.
قضمت إسرائيل حتى الان من الضفة الغربية 40 في المئة، واصبح عدد المستوطنين اليهود 642 الف مستوطن إسرائيلي صهيوني بنوا مستوطناتهم على حساب ارض ومنازل الشعب الفلسطيني، والعالم العربي ساكت، حتى ان السلطة الفلسطينية في رام الله لم تقرر وقف التعاون الأمني مع العدو الإسرائيلي، وما زالت تتعاون معه وتعتقل عناصر من حركة حماس او غيرهم، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والا فان العدو الإسرائيلي لا يفرج عن الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.
ولماذا يسكت الأردن ومصر عن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، طالما ان هذا الاستيطان يضرب حتى اتفاقية كامب دايفيد واتفاقية الاعتراف بإسرائيل من قبل مصر والأردن، فأقل الأمور الاحتجاج المصري ـ الأردني ضد إسرائيل، واغلاق السفارتين الاسرائيليتين في عمان والقاهرة، الى ان تلتزم إسرائيل بالقرارات الدولية وسيكون هذا الامر مقبولاً من أوروبا وحتى من واشنطن، من الناحية المبدئية، لان الرئيس جورج بوش هو من طرح حل الدولتين، ولان أوروبا الغربية تبنّت مبدأ الدولتين، لكن الأردن ومصر ساكتتان عن الظلم الإسرائيلي ومستمرتان بإقامة العلاقة الديبلوماسية والتعاون مع إسرائيل كأن إسرائيل لا ترتكب مجازر وجودية ضد الشعب الفلسطيني وتهدد العرب كلهم.
ان الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين 1948 عاد وشنّ حربا احتل فيها الجولان والضفة الغربية والشريط الحدودي في لبنان. وبالنسبة الى الجولان، فان الكنيست الإسرائيلي ضمّه الى ارض إسرائيل، أي فلسطين المحتلة رسمياً واعتبره وفق الصهيونية من ارض إسرائيل.
وبالنسبة للضفة الغربية، استمر العدو الصهيوني باحتلاله لها، وإقامة المستوطنات وزيادة عدد المستوطنين، تمهيدا لجعل الضفة الغربية وفق المفهوم الصهيوني ارض إسرائيل الى الابد كما تدّعي الصهيونية.
ولقد حصلت انتفاضات كثيرة من الشعب الفلسطيني ضد احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وأهمها انتفاضة الأقصى ولم يدعم العرب هذه الانتفاضة بأي شيء، بل ظلوا يتفرجون على الشعب الفلسطيني يُذبح على ايدي جنود الاحتلال، والضفة الغربية تبتلعها إسرائيل، قرية بعد قرية، ومنزلا بعد منزل وبستان بعد بستان.
اما بالنسبة الى الشريط الحدودي في لبنان الذي احتلته إسرائيل حتى مجرى نهر الليطاني، فكانت الأمور مختلفة، وظهر ان مبدأ السلام مع إسرائيل ساقط وان لا سلام مع إسرائيل، لان المخطط الصهيوني لا يعرف مفهوم السلام، بل يعرف تنفيذ مخطط صهيوني لإسرائيل الكبرى على حساب فلسطين والأرض العربية. ولذلك انتصر مبدأ المقاومة ضد العدو الصهيوني، من خلال 20 سنة قتال قادته المقاومة بقيادة حزب الله، ضد العدو الصهيوني في جنوب لبنان شمال فلسطين، وأجبرت الجيش المحتل الإسرائيلي على الانسحاب وطردته الى الخط الأزرق، خط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
وكانت نهاية الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، باستثناء أجزاء صغيرة منه سنة 2000، وفي سنة 2006، على اثر عملية عسكرية قامت بها المقاومة وخطفت جنديين إسرائيليين، قرر الجيش المتغطرس الإسرائيلي شنّ حرب شاملة على لبنان، وفرض حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً، وشن اكثر من 2000 غارة جوية، وتخطى الخط الأزرق وهاجم جنوب لبنان. فكان ان انتصر مبدأ المقاومة من خلال الحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي المتغطرس، وحصلت عمليات نوعية من المقاومة، مثل مجزرة دبابات الميركافا، وضرب الطراد الإسرائيلي في البحر قبالة الساحل اللبناني، إضافة الى اسقاط طوافات العدو الصهيوني على ارض الجنوب، ومنع الجيش الإسرائيلي من التقدم، والحاق الهزائم به، وشنّ حرباً نوعية عبر الانفاق، كان ابرزها معركة مارون الراس وسهل بنت جبيل والخيام وتحمّلت المقاومة الغارات الإسرائيلية حتى قرر الجيش الإسرائيلي وقف الحرب، فيما كانت واشنطن تشدد على إسرائيل اكمالها، لكن الخسائر الإسرائيلية أوقفت الاعتداء الإسرائيلي والحقت هزيمة بجيش العدو المتغطرس.
اليوم العدو الصهيوني يركّز على مقاومة حزب الله، ويصنع صواريخ مثل قبة الحديد والعصا السحرية وغيرها، كي يقاوم صواريخ حزب الله، ويقيم جدارا كبيرا على الحدود خوفا من هجوم مقاتلي حزب الله على الجليل المحتل في شمال فلسطين. وهذا يؤكد ان منطق المقاومة هو الأساس، وهو الذي ينتصر، بينما مبدأ السلام مع إسرائيل ينتج مستوطنات إسرائيلية على حساب الشعب الفلسطيني وعلى حساب العالم العربي كله.
وفي قطاع غزة المحاصر من كل النواحي، بحرا وبراً وجواً، خاضت المقاومة في غزة معركة عنيفة ضد العدو الإسرائيلي، وأبلت بلاء حسنا في حي الشجاعية، حيث وقع لواء غولاني في كمين وقُتل ضابط كبير فيه، بالاضافة الى 10 جنود آخرين في كمين واحد للمقاومة.
وردّت إسرائيل بأبشع مجزرة ضد غزة، حين هدمت 10 الاف منزل، وقتلت 2000 شهيد من سكان غزة ومقاتليها، لكن في النتيجة انتصرت مقاومة غزة ومنعت الجيش الإسرائيلي من الدخول الى غزة.
ونعود الى موضوعنا الأساسي، لماذا السكوت عن الاستيطان الإسرائيلي، ولماذا لا يرى العرب خطر تهويد القدس والضفة الغربية من فلسطين، والتي ستجعل الحقوق الفلسطينية كلها ضائعة، وحقوق العرب ضائعة، وقضيتهم الأساسية فلسطين ضائعة أيضا. فلماذا سكوت العرب، ولماذا سكوت الأنظمة، ولماذا حملتهم على المقاومة في لبنان، وعلى خط الممانعة في المنطقة؟
استيقظوا يا عرب، واعلموا ان مبدأ المقاومة هو الحل الوحيد لمواجهة الخطر الصهيوني، وان مبدأ السلام مع إسرائيل هو مبدأ وهمي والدليل الاستيطان الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية واسقاط مبدأ الدولتين، وإسرائيل لا تفهم غير لغة المقاومة، وتضحك على العرب بالسلام معهم. وكم من نظام عربي مسرور بالعلاقات مع إسرائيل، مقابل قيام الكيان الصهيوني ونفوذه في الخارج، وحتى نفوذه لدى الأنظمة العربية في حماية هذه الأنظمة من انقلاب او احداث او مقاطعة دولية، طالما انهم يسلمون لإسرائيل بظلمها، ويتناسون قضية فلسطين وهي القضية الام.