هل ان اصرار حزب الله على فتح معركة جرود عرسال ضد تنظيم «جبهة النصرة»، باسرع ما يمكن من الوقت، يحمل تخوّفات من الحزب من امكانية انهيار القوى المسلّحة التي ما زالت تدافع عن النظام في سوريا، بعد الانتصارات الميدانية التي حققها تنظيم «داعش» من جهة، و«جيش الفتح» من جهة ثانية، واعلان المعارضة السورية المسلّحة ان هناك متغيّرات كبيرة مقبلة، وان اسلحة متطورة تسلمتها المعارضة لم تستخدم بعد، وان العاصمة دمشق هي الهدف المقبل، امّ ان الحزب قلق من الاخبار التي يتم تداولها في الاعلامين العربي والدولي حول تغير في الموقف الروسي واقترابه من الموقف الاميركي، بان لا مستقبل للرئيس السوري بشار الاسد في سوريا الغد، وبالتالي فان فكرة تقسيم سوريا قد تكون نضجت، وان معركة عرسال وجرودها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدولة العلوية، في حال نجح مخطط التقسيم، ويفترض ان تكون طريق اللاذقية والقرداحة ودمشق والقلمون المحاذية للجرود اللبنانية آمنة وسالكة وخالية من اي قوّة معادية.
اذا كان هذا التحليل او هذا التوقع الذي يؤكد عليه عميد لبناني متقاعد، صحيحاً، فان لا دور للبنان فيه، الاّ اذا هزم الحزب وجيش النظام، التنظيمات الارهابية المتواجدة داخل الاراضي السورية، وربما على مساحة صغيرة من جرود لبنان، لا يعرف حجمها لأن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لم يحصل، واندفعت فلول هذه التنظيمات باتجاه الجرود القريبة من عرسال ورأس بعلبك والقاع وغيرها من البلدات اللبنانية، وعندها فحسب سيقوم الجيش بواجبه كاملاً ويتصدّى للمسلحين الهاربين ويحول بينهم وبين الاعتداء على البلدات اللبنانية، ولهذه الاسباب عزّز الجيش اللبناني منذ حوالى الاسبوع تواجده في خطوطه ومواقعه المتقدمة، وفي مواقعه الاخرى القريبة من البلدات اللبنانية، واتخذ جميع التدابير والاحتياطات ليس لحماية عرسال، فحسب، بل البلدات الاخرى القريبة منها، لمنع اي اشتباك بينها وبين جوارها، ومواجهة اي هجمات تكفيرية عليها، وكان لافتاً الموقف الرافض للتحشدات المسلحة التي تشهدها بعض مناطق البقاع، من قبل مصدرعسكري رفيع، معتبراً انها قد تخلق فتنة مذهبية، اذا لم يتم استيعابها بسرعة، ولكنه في الوقت ذاته استبعد اي خطوة عدائية باتجاه بلدة عرسال، وعلى اي حال فان قيادة الجيش، على ما نقل عنها، لن تقوم باي تدابير او اجراء او خطوة تطيح باتفاق التبادل الذي تم التوصل اليه بين جبهة النصرة والدولة اللبنانية بوساطة قطرية، لتحرير قسم كبير من جنودنا الرهائن مقابل موقوفين اسلاميين ومبلغ من المال قيل انه يتراوح بين 15 و20 مليون دولار، تعهّدت دولة قطر بدفعها، على ان تنكب الجهود بعد ذلك للتوصل الى اتفاق مماثل مع «داعش» والسؤال الكبير، من يسبق الآخر، التفجير، او التبادل؟!