IMLebanon

لماذا ابقى الطائف الباب مفتوحاً لشغور موقع الرئاسة الاولى؟

«يا بني لا تكن رأساً فان الرأس كثيرة الاوجاع»، انها نصيحة لقمان الحكيم لابنه والتي تنطبق في كثير من جوانبها على رأس الدولة اللبنانية الذي اصيب بالصداع منذ ايام السلطنة العثمانية التي حكمت جبل لبنان عبر نظام المتصرفية بحيث كان الباب العالي يعين متصرفاً مسيحياً من رعايا السلطنة لحكم الجبل على خلفية ان اللبنانيين لم يبلغوا سن الرشد وفق كلام الرئيس الراحل الياس الهراوي وفق الاوساط المواكبة لنبض الساحة المحلية، الا ان الحرب العالمية الاولى ونتائجها ادت الى قيام «دولة لبنان الكبير» بشطحة قلم من الجنرال غورو نتيجة جهد البطريرك الماروني الياس الحويك، واذا كانت الحرب العالمية الاولى قد رسمت حدود الدول في الهلال الخصيب على قاعدة اتفاق «سايكس بيكو» الفرنسي – البريطاني، فان لعبة الامم التي تطحن المنطقة بشراً وحجراً تسعى الى تقطيع اوصال الكيانات في العراق وسوريا باشراف اميركي – روسي وعلى قاعدة ان روسيا دولة اتحادية وكذلك اميركا كونها «الولايات المتحدة» فماذا يضير المنطقة وفق المنطق الغربي من ان تكون كيانات اتحادية طائفية واتنية يسهل اشعال النار فيها متى عصت الارادة الغربية وتدور جميعها في فلك اسرائيل الساعية الى تحقيق الدولة اليهودية.

وتضيف الاوساط انه في ظل هذه الصورة السوداوية وتداعيات الحريق السوري على الساحة المتلقية يسود التهريج السياسي وسط لامبالاة المعنيين بمصير البلد كياناً وكينونة الى حدّ ان معظم دول القرار تصنف لبنان دولة فاشلة في ظل الشغور الذي يضرب رأس الدولة منذ عامين وبضعة اشهر وصولاً الي حكومة «مرقلي ت مرقلك» وفق توصيفها من قبل رئيسها تمام سلام انتهاء بمجلس النواب العاطل من العمل، وربما العلة في ما آلت اليه الاوضاع تعود اولاً واخيراً الى «اتفاق الطائف» الذي بات دستوراً كونه لم يطبق منذ ان ابصر النور الا استنسابياً وعلى حساب المسيحيين الذين فقدوا كل المواقع والامتيازات التي تمتعوا بها قبل الحروب العبثية في سبعينات القرن الماضي، ولم تبقَ لهم الا رئاسة الجمهورية المجرومة الصلاحيات حتى العظم كون صلاحيات الوزير في وزارته تفوق بكثير صلاحيات رئيس الجمهورية المغيب حتى اشعار آخر.

وتشير الاوساط الى ان بعض المتشائمين يخشون من ان تطير الجمهورية قبل انتخاب رئيس لها كون لا احد يعلم ماذا يخبئ المخطط الجهنمي المرسوم للمنطقة، وما هي الفواتير المطلوبة محلياً بعد اغراق البلد بطوفان النزوح السوري الذي يعتبر اكبر خطر يحيق بالجمهورية على الصعيد الديموغرافي والسياسي والاقتصادي ولا سيما ان الشلل يعصف بادارات الدولة من رأس الهرم وصولاً الى القاعدة وانه يستحيل اطلاق عجلة الدولة قبل انجاز الاستحقاق الرئاسي وملء الشغور في القصر الجمهوري، ما يعني ان الامر بات بيد الخارج ومرتبطاً بوقائع الميدان السوري وربما قيام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي قبل نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان بالطلب الى المعنيين ببقاء سليمان في بعبدا لتصريف شؤون البلاد على طريقة تصريف الاعمال لدى استقالة الحكومة، الا ان طلبه بقي صرخة في الغابة المحلية، ولم يكن مطلب الراعي من عندياته بل جاء نتيجة لفتة فاتيكانية كون الحاضرة البابوية خزاناً من الاسرار الكونية.

وتتساءل الاوساط عن اللغز الذي حمله «الطائف» على صعيد كونه ابقى الباب مفتوحاً لشغور موقع الرئاسة، فهل اراد صانعوه وعلى رأسهم عبد الحليم خدام ان تكون الحكومة وريثة للرئاسة الاولى حتى اشعار آخر فيما رئيس الحكومة يبقى في موقعه يصرف الاعمال مهما طال عمر تأليف الحكومة والمعروف ان خدام كان يكن حقداً طائفياً على المسيحيين وعمل اثناء اشغاله موقع نائب الرئيس السوري ايام الوصاية على تدمير وقطع اي تواصل بين الصرح البطريركي والقيادة السورية، ولا عجب في ذلك فمن خان صانعيه وباع وطنه لا يلام على بيعه الاخرين.