يلاحظ كثير من المراقبين السياسيين في لبنان بشكل واضح.. أن شريحة سياسية مبعثرة لا تجمعها إلا سياسة «النق»، باتت تعمل بشكل وقح وسافر على تحقيق مبدأ «قم لأقعد مكانك»، من دون أن يكون لديها أي مشروع سياسي أو تنموي أو أمني أو اجتماعي حقيقي…أو أي هدف نهضوي نبيل، إلا الوصول إلى «جنة» السلطة..
لقد اصبحت هذه الشريحة تشكل ظاهرة سياسية ممجوجة، لانها مجرد شريحة عاجزة وركيكة ومفككة، تبحث عن أي دور لها، وتنتهج سياسة التنظير عن بعد، وتخوض كل «حروبها» برمي الأشجار المثمرة بالحجارة، من دون أن تنال منها شيئاً، تكره كل ناجح، وتعادي كل ناجح.. ولا تعرف من كتاب مكيافيللي إلا «أن الغاية تبرر الوسيلة»، وعقيدتها الثابتة هي «النظر إلى النصف الفارغ من الكوب»، متوسلة في ذلك كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، للوصول الى غاياتها غير المشروعة، مستلهمة أفكارها من وزير الدعاية النازي جوزف غوبلز صاحب نظرية «اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون»، حتى وصلت إلى مرحلة أنها كذبت الكذبة على نفسها وصدقتها..
في شهر الصيام يمتنع الناس عن الكلام الحرام، لكن في كثير من الأحيان يكون السكوت عن الكلام الحرام حرام..
فمنذ توليه مقاليد وزارة الداخلية والبلديات، والوزير نهاد المشنوق يتعرض لأبشع حملة استهداف ظَالِمَة من تلك الشريحة، لا لشيء الا لانها عدوة كل نجاح وتكره كل ناجح في عمله..
وليس دفاعاً عن الوزير المشنوق، بل للإنصاف نقول، اذا كان في حكومة الرئيس تمام سلام السابقة وفي حكومة الشيخ سعد الحريري الحالية من علامات فارقة في الأداء الحكومي، خاصة على صعيدي السياسة والأمن، فإن بصمات الوزير نهاد المشنوق تكاد تكون وحدها هي تلك العلامات التي تركت بصمات نوعية في العمل الحكومي السياسي والامني والخدماتي الوطني، بعيداً عن النفاق والتلون والتزلف ونقل البارودة ..
يقال انه «وحده الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل»، نعم… ربما خطيئة الوزير المشنوق أنه يعمل وربما لا يخطئ، وأنه رجل ناجح وصادق وشفاف، وأنه ملأ وزارته هيبة واحتراماً.. ومَيَّزَها بالحلم والحزم والحكمة والنزاهة.. وأعطاها قيمة مضافة وازنة.. أضافت إلى حكومتَي الرئيسين الحريري وسلام الكثير من المصداقية والجدية، وأعطى وجوده فيهما الثقل البيروتي حقه من ان يترك المزايدين اي فرصة في النقد والتجريح..
وعلاوة على ذلك، فإننا إذا أردنا أن نحصي الإنجازات الحكومية خلال السنوات القليلة الماضية، فلا يمكن ان نبدأ بغير القرار الجريء الذي اتخذه الوزير نهاد المشنوق في الحكومة السابقة بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في أحلك الظروف..هو الإنجاز الوطني الأبرز على الإطلاق، رغم ما تعتريه الانتخابات البلدية والاختيارية من تعقيدات سياسية ومذهبية ومناطقية وعائلية، ورغم ذلك فقد جرت الانتخابات بنجاح منقطع النظير ومن دون ضربة كف، وشهد بنزاهتها وبتنظيمها المجتمع اللبناني والعربي والدولي.. واذا أردنا ان نتحدث عن أولى إنجازات العهد الجديد، فإننا لا نجد ايضاً غير اقرار قانون الانتخابات العتيد الذي أقرّته حكومة الرئيس الحريري قبل يومين، وهو قانون من إعداد مطابخ وزارة الداخلية رغم كثرة الطباخين…ومحاولة كل طرف ان ينسب الى نفسه شرف إنجاز القانون.. ولا غرو في ذلك فالنصر له الف أب والهزيمة يتيمة»..
فالوزير المشنوق نجح بلا أدنى ريب في التعامل مع كل الملفات الأمنية المتشابكة بحكمة بالغة، ولا سيما ملف بلدة عرسال العزيزة علينا ..وبملف الموقوفين الإسلاميين من خلال سحبه من ايدي المزايدين الذين يضرّون بقضية الموقوفين المظلومين وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً، وقد عمل في هذا الإطار مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحكمة ودراية على وضع تحقيق العدالة للمظلومين من ابنائنا السجناء، على سكة القانون لتأخذ مجراها الطبيعي من دون منّة ولا مباهاة..
وها هو الوزير المشنوق اليوم يجمع كل الأجهزة الأمنية على هدف واحد هو حماية الأمن والاستقرار الداخلي، بعيداً عن اي اعتبارات سياسية او طائفية او مناطقية.. وجعل التنافس الاستباقي بين هذه الأجهزة تنافساً تكاملياً، حتى باتت كل الاعمال الإرهابية والجرمية تكتشف خلال ساعات قليلة وبوقت قياسي تعجز عن تحقيقه دول عظمى، وينال إعجاب الجميع في الداخل والخارج..
يعتقد الكثير من المغرضين السياسيين ان النيل من شخص الوزير المشنوق، هدف ثمين للضرب على مفاصل الحكم والحكومة بغية تفشيل انطلاقة العهد، وإرباك الحكومة الحريرية بضرب مكامن القوة فيها، ولذلك لا نعجب من ملاحقة الوزير المشنوق على الدعسة وانتظاره على كوع الكلمة والنفَس، وتسجيل اي كلمة او خطوة عليه، يقيناً منهم بأن ضرب الرجل القوي يوفر عليهم الكثير من الجهد والوقت لتحقيق احلام شخصية مغرضة، بالإجهاز على الحريرية السياسية، وبأنهم اذا نجحوا – ولن ينجحوا – سيزيلون من أمامهم جبلاً يقطع عليهم طريق الوصول الى السلطة المنشودة ..
وعليه، فان استهداف الوزير المشنوق من القريب كما البعيد، تارة بالابتزاز المفضوح وتارة بالافتراء، يكشف من جهة حجم أهمية وجود رجالات دولة في وطن ينشد قيام الدولة، ومن جهة ثانية يكشف خطورة عدم التصدي لمثل هذا الحراك المرقط بكل اسماء وألوان الحقد والحسد والزيف ومحاولات التشبيح على بيروت وعلى أهلها ورجالاتها الاوادم، لان وجود رجل قوي ونزيه وحكيم مثل نهاد المشنوق، لن يترك لهم اي مجال بالوصول الى مآربهم المشبوهة، ولذلك نرى ان استهدافه بهذا التركيز المقلق، هو استكمال لاستهداف نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي يحمل لواءه اليوم الرئيس الشيخ سعد الحريري، والذي يعتبر الوزير المشنوق أحد أهم وأبرز حُماته وحامليه بصدق وإخلاص..
من هنا فإننا ندعو هذه الشريحة المراهقة والمقامرة بمصير البلاد والعباد، ان تتقي الله تعالى بنفسها وبالشعب اللبناني الطيب، وان تعطي الساسة المخلصين الفرصة الكافية لإنجاز مشروع قيام دولة القانون والمؤسسات، لان الشعب اللبناني يستحق هذه الفرصة، وآن له ان ينتهزها للخروج من النفق المظلم الذي يتخبّط به منذ العام ٢٠٠٥.
(*) رئيس هيئة الدفاع عن حقوق بيروت