Site icon IMLebanon

لماذا الحملة على روسيا؟

لا أعلم تماماً ما اذا كان التدخل الروسي في سوريا سيساهم في تقريب امكان ايجاد حل سياسي تتولى موسكو تسويقه لدى المجتمع الدولي، و”فرضه”، بطريقة أو بأخرى، على دمشق ومعها طهران، بعدما تسلم الطيران الروسي زمام الحرب الجوية في مواجهة الارهاب؟ أم ان التدخل الروسي سيزيد من التأزيم، وسيدخل المنطقة في حرب باردة جديدة قد تستمر لسنين تقضي خلالها الحروب المتنقلة على فرص قيام النظام من جديد، في ظل استنزاف متنام للعسكر والعتاد والمال، فتفرض تالياً الحلول على منهكين، كما حصل زمن الطائف في لبنان؟

لكن في قراءة منطقية بعيدة من الاصطفاف اللبناني ما بين مؤيد للنظام السوري وتابع له، وحالم بإبادة هذا النظام، ثمة معطيات ووقائع لا بد من التوقف عندها:

– ان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فشل حتى اليوم في القضاء على التنظيمات الارهابية، بل انها تمددت وتوسعت في ظل الحملة الدولية، في ما يمكن اعتباره اما تخاذلاً وضعفاً، أو تواطؤاً وعدم وجود رغبة دولية فعلية في القضاء على “داعش” وأخواته. وأياً تكن الحقيقة فإنها تبرر دخول اطراف اخرى على الخط، ومنها التدخل الروسي الذي، اذا بلغ الهدف المحدد بالقضاء على الارهاب، سيفيد لبنان حتما، لأن لا مصلحة وطنية في انتصار قوى التكفير والقتل والتفجير سواء اتفقنا على ذلك أو تضامن البعض معها من ضمن حسابات ضيقة تكاد تكون بلهاء.

– إن لروسيا إطلالة عسكرية على المتوسط عبر الواجهة السورية واي سقوط للنظام الحليف لها يعني ضمناً خسارة وجودها ودورها في منطقة الشرق الاوسط. فلماذا ترضى بواقع يمكن ان يفرض عليها من دون ان تقبض اي اثمان، فيتم اخراجها من المعادلة السياسية ومن الدور الاقتصادي المرتقب في عملية اعادة بناء سوريا التي تكلف حتى تاريخه نحو 300 مليار دولار، في وقت يعاني الاقتصاد العالمي من تباطؤ شديد، وستتنافس الدول على الفوز بمناقصات. فكيف الحال بروسيا التي تعاني خصوصاً في ظل مضاربة سعودية واسعة في سوق النفط.

– ان لموسكو ديوناً على سوريا تبلغ في تقدير تقريبي 30 مليار دولار، بعدما كانت ألغت سابقاً ديوناً تعود الى ثلاثين سنة خلت بنحو 14 ملياراً. وهذه الاموال ستلغى مع اي نظام جديد لا يكون حليفاً لموسكو.

– ان ادعاء موسكو ان دخولها على خط الحرب السورية انما يؤمن دفاعاً عن الاقليات في المنطقة، لخطاب مبرر ومقبول، أو يجب ان يكون كذلك في ظل المذابح التي تطال تلك الاقليات وعجز الدول والمؤسسات الوطنية، وخصوصاً الاسلامية، عن ردعها.

اما القول بالحرب المقدسة فمردود، لأن المصالح التي أملت تلك المشاركة ليست مقدسة في شيء على الإطلاق.