نزل رجل الأعمال، من برجه العاجي الى الشارع. قصد ساحة البرج، ذهب الى شارع رياض الصلح. انعطف صوب البرلمان. وجد الشوارع مقفلة.
نظر الى اليمين، وتطلع الى اليسار. ووقف جامداً في منتصف الشارع.
ماذا في بيروت؟
هل رحل أهل العاصمة الى الجنوب، أم الى الشمال، أم الى الشرق، هل غطسوا غرباً في المياه؟ طبعاً لم يذهبوا للسياحة، كل ما شاهدوه مجموعة من الأسلاك الشائكة، مرصوفة فوق بعضها، ورجال الشرطة يقطعون الشوارع والطرق.
فجأة، رنّ الهاتف.
كان على الخط نائب، على موعد مع زائر يقصده. بادره بأنه آتٍ اليه، لأنه يزور في تلك اللحظة، مقراً رسمياً.
أجابه المتحدث بأنه على مسافة أمتار من مجلس رسمي.
وردّ الزائر بأنه ناطره اذا ما حضر الى اللقاء به.
وصل سعادة النائب، بأنه آتٍ في سيارة يقودها سائقه، لكن ليس عليها نمرة زرقاء.
ترجّل صاحب السعادة من سيارته، واصطحب زائره الى حرم المجلس.
هل أصبح البلد، مقفلاً أمام الناس.
هل أصبح المواطن مهدداً بقانون صارم، أم أضحى التحرك، داخل بيروت حكراً على عدد محدود من الناس.
طبعاً، لا أحد يعترض على تصرفات رعاة النظام.
لكنهم باتوا أمام مؤامرتين:
مؤامرة غلمان تسرّبوا الى صفوف المتظاهرين.
ومؤامرة، سمّاهم بعض الناس زعران، ولا أحد يقبل بمثل هذه التسمية.
صحيح انهم خلعوا ثيابهم، وراحوا يقذفون قوى الأمن بالزجاجات الفارغة.
وصحيح ان معظم المتظاهرين، كانوا يوم السبت الفائت قمة في الحكمة والتهذيب.
لكن الصحيح ان أمرين منافيين للحنكة والحكمة حصلا:
الأول ان قوى الأمن حملت نهاراً الهراوات، وأمعنت في الاعتداء والضرب على المتظاهرين.
والثاني، مخالفة بعضهم لأوامر لم يطلبوها من رؤسائهم، على حد قول وزير الداخلية.
والثالث، ان الزعران ظهروا عند آخر الليل، وراحوا يمعنون في الاعتداء على الناس.
خلاصة جزئية مما حدث.
معظم المسؤولين والمتظاهرين نجحوا في التعبير عن رفضهم للتصرفات الامنية.
وهذا أمر يقع في ارقى التظاهرات.
وقوى الامن كانت يوم الجمعة قوة مواجهة.
… وكانت يوم السبت، من امام وزارة الداخلية الى ساحة الشهداء، مثالاً يُحتذى في الحضارة الاجتماعية.
اما من تصرفوا تصرفات غير خلقية، فقد كانوا اعداء الحريات والمواقف الانسانية.
الا ان هذه الأمور، لا تبرر ان تحوّل القوى الامنية شوارع بيروت الى معالم غير انسانية.
لماذا اقفال بيروت امس، في وجه الناس؟
ولماذا اظهار السلطة، وكأنها في عداء مع الناس؟
لا أحد كان مع الزبالة.
ولا احد كان مع تحوّل الحكومة الى حكومة نفايات.
الا ان البلد، يريد ان يأخذ بيد حكومة تمام سلام، للقضاء على الفوضى.
ولا أحد كان مع اسقاط النظام.
الجميع كانوا يريدون اصلاح النظام وتصحيحه، إن وجد خطأ فيه!!