ورد تعبير الحكومة محروقة على لسان الرئيس بري خلال رحلته الى رومانيا ومن ثم سويسرا.
وعقب الرئيس بري بالقول إن الامل هو في جلسات الحوار التي لم تحقق حتى تاريخه وبعد ثلاث جلسات اختراقاً يدعو الى التفاؤل.
القول إن الحكومة محروقة لا يعني انها مقبلة على الاستقالة. فالوزراء يستطيعون ممارسة مهماتهم من دون اعتماد قرارات أساسية لواقع البلد ومستقبله وقد شهدنا في السابق حكومة أمر واقع برئاسة فؤاد السنيورة استطاعت المحافظة على مقدار من العمل حتى تاريخ الاعتصام المشين في ساحات بيروت الرئيسية وبصورة خاصة على عتبات رئاسة الوزراء.
لماذا نحن امام هذه الحال؟ جمود الوضع السياسي وتجميد القرارات والمشاريع الحيوية وقت يشهد لبنان بالمقارنة مع سوريا والعراق وحتى تركيا، مقدارا من الهدوء تعكره الانتفاضة الشعبية التي تتجلى في تحركات متنوعة وغير متناسقة ومن دون اهداف محددة قابلة للتحقيق.
الجواب عن اللماذا يتجلى في 50 لماذا لم يقبل مجلس النواب على معالجتها منذ سنوات، لان ابحاث المجلس مسيسة في المقام الاول ولنبدأ بالسؤال الرئيسي الاول.
– لماذا لا يقر مجلس النواب قانون انتخاب على أساس النسبية مع عدد من الدوائر الانتخابية يمكن اللبنانيين من تعديل اعداد النواب وانتساباتهم بنسبة 50 – 60 في المئة على الاقل؟
– لماذا لا يتمكن مجلس النواب من قطع حسابات الموازنة أو اقرار حسابات للموازنة، والامر المضحك المبكي اننا نقرأ عن ضبابية ارقام الموازنات من غير ان نتمكن من مراجعة صورة متكاملة لمشروع موازنة منذ سنوات؟
– لماذا لا تتوافر للغالبية المطلوبة لحضور النواب لانتخاب رئيس، والبلدان الاخرى تفرض على النواب تبرير الغياب وان لم يتوافر التبرير يكون الغياب المتكرر سبباً لالغاء صفة النائب والامتيازات التي يتمتع بها سواء من المعاشات التقاعدية أو الاعفاء الجمركي من الرسوم على السيارات أو الحراسة والمواكبة؟
– لماذا لا يبحث موضوع سلسلة الرتب والرواتب بداية من زاوية ضخامة عدد المعلمين والمتعاقدين في المدارس الرسمية الفائضين عن الحاجة. فهؤلاء يبلغ عددهم 45 الفاً لتدريس 300 الف طالب، فيكون المعدل الوسطي لكل سبعة طلاب استاذ، وهناك مدارس يفوق عدد اساتذتها عدد التلاميذ، وخصوصا في المعاهد المهنية. وفي المقابل يبلغ عدد المعلمين للتلامذة في المدارس الخاصة استاذاً لكل 20 تلميذاً. لذا يمكننا الاستغناء عن نصف عدد المعلمين والمتعاقدين، ومن ثم زيادة المعاشات والتعويضات من دون تحميل الخزينة اعباء اضافية؟
– لماذا قانون النفط والغاز صادر منذ سنوات من دون إلحاقه بالمراسيم التنظيمية، ولماذا تأسيس هيئة النفط والغاز اتخذ منهج التوزيع الطائفي، ومداورة الرئاسة سنويًا بحيث يكون هنالك انتاج اذا رأس الهيئة عضو مقتدر ولا انتاج اذا رأسها عضو محظوظ وان لم يكن مقتدرًا؟
– لماذا لا تتشكّل الهيئة الناظمة لشؤون الكهرباء، علمًا بان توصيات اختيار اعضائها قدمتها منذ صيف 2005 الهيئة التي كلفت هذه المهمة وتشكلت من ستة خبراء كان أحدهم رئيس مجلس الخدمة المدنية؟
– لماذا لم ينجز منذ عام 1998 مشروع تجهيزي واحد سواء على صعيد توفير الكهرباء، أو المياه، او تسهيل السير حتى تاريخه باستثناء تلزيمات زيادة انتاج الطاقة في محطة الزوق 192 ميغاوات، ومحطة الجية 78 ميغاوات، ومجموع الطاقة الجديدة لا يمثل سوى 36 في المئة من الطاقة التي افترض تحقيقها من تخصيص 1٫2 مليار دولار تقريبًا لهذا الهدف؟ والمشروع المنجز الثاني كان سد شبروح بطاقة تسعة ملايين متر مكعب ومع ضآلة طاقة هذا السد اهملت اعمال صيانته فكان ناشفًا العام المنصرم.
– لماذا انتشرت المولدات الخاصة، بتكاليفها المرتفعة وتأثيراتها البيئية الضارة بحيث باتت طاقتها توازي الطاقة المتوافرة لدى كهرباء لبنان أو تزيد عليها؟
– لماذا خط المنصورية المطلوب تطويره فوق الارض أو تحتها عصي على القرار، وهذا الخط ضروري من أجل شبك شبكة توزيع الكهرباء في لبنان، ومن دون انجازه لا يمكن تأمين الكهرباء بشكل مستقر من محطات مصلحة كهرباء لبنان؟
– لماذا لم يعين أعضاء جدد فاعلون في مصالح المياه التي اهترأت تجهيزاتها من دون تطوير وتقادم عهد أعضائها الذين أصبحوا خاملين وغير معنيين بمسؤولياتهم؟
– لماذا تكتسب قضية النفايات المخجلة وجهًا طائفيًا ومناطقيًا وكأن لبنان يتشكل من مقاطعات، وكأن بيروت التي هي مسؤولة عن 65 في المئة من النفايات لا تقبل على العمل فيها نسبة كبيرة من الأيدي العاملة من جبل لبنان والجنوب وعكار والبقاع؟ لماذا لا يسأل العاملون في بيروت وضواحيها عما اذا كانوا يسببون تراكمًا للنفايات، فهل هم لا يأكلون ولا يشربون خلال أيام عملهم؟
– لماذا لا تفعل الطاقات المالية لبلدية بيروت لمعالجة النفايات وترفيع تجهيزات أساسية أخرى في بيروت وضواحيها؟
– لماذا لا تحرك أموال مؤسسة ضمان الودائع لتمويل مشاريع ذات أهمية للمواطنين في مجالات ملحة متعددة، ومصرف لبنان حمل مسؤولية المودعين في المصارف التي تعاني مصاعب في الدفع، وحقق نتائج جيدة من خلال تسييل موجودات عقارية للمصارف المعنية؟
– لماذا اهملت حكومات متعاقبة انجاز عقود لانتاج الكهرباء باستعمال الغاز وقد توافرت عروض كبيرة الاهمية في هذا الصدد منذ عام 2005، كما توافرت عروض لتوسيع مصفاة طرابلس وتشغيلها، وتأمين الخام بأسعار مخفوضة من العراق عام 2008، ومضينا في تحمل خسائر مصلحة كهرباء لبنان وتزايد حجم الدين العام بنسبة 30 في المئة على الاقل؟
في الامكان تعداد أفكار كثيرة حول اللماذا، والجواب المفجع ان المسؤولين وزراء ونواباً غير معنيين بالمصلحة العامة، ومنازعاتهم السياسية ترتهن امكانات الانجاز وتمنعها من التحقق في حياتنا. يا للخجل من قيادات كهذه!