اذا لم تذهب هذه الحكومة غير المأسوف عليها، فالهدر المالي باق، وكذلك الصفقات والسمسرات والمقايضات والنزاعات، وباقية ايضاً سياسة التأجيل من جلسة الى جلسة، وسياسة الهروب من وجه القضايا الاساسية الهامة وتصريح المصدر الفرنسي الرفيع للزميلة الحياة، بأن هنـاك مؤشرات الى الاتجاه نحو تدهور في «كل الاحوال» في لبنان يعني ان بقاء هذه الحكومة العاجزة والمعوقة في الـشكل والمضمون، لن ينفع لبنان في شيء، لان المهم ليس بقاء الحكومة ليتعافى لبنان، بل انتخاب رئيس للجمهورية، يعيد الامور الى نصابها الصحيح بعدما تناوب عليها 24 وزيراً افرادياً، وجماعياً، واكثر من ذلك يشير المصدر الفرنسي الى «الستاتيكو» القائم الذي يحيّد لبنان عن الكثير من المصاعب لن يستمر، وان الوضع قد يزداد خطورة وهشاشة.
اذاً هذه الحكومة، لم ترفع السماء عن الارض، وليست هي صاحبة الفضل في الستاتيكو القائم، وفي اهتمام الدول النافذة بعدم وصول النار السورية والـنار المذهبية الى الداخل اللبناني، بل ان وجودها يستنزف المالية العامة، بسـبب الفساد والانفاق غير المجـدي، وآخر مسطرة من هذا الانفاق غير المجـــدي قرار مجلس الوزراء الاخير بالموافقة على سفر الوزراء او من يمثلهم الى مؤتمرات تعقد في الخارج، والبشـع في الامر ان يأتي هذا القرار، وغيره العديد مثله، بعد الجلسة التي كشف فيها وزير المال الوضع المالي المتردي ليس بسبب الهدر فحسب، بل بسبب تحويل مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي وجميع دوائر الدولة، الى مزارع تدرّ ذهباً، ليس على الخزينة، بل على جيوب المسؤولين والمحميين، اضافة الى الجباية المتواضعة التي تذهب الى الخزينة، والمزاريب الحبلى بالاموال التي تذهب الى الخزائن غير الشرعية.
هذه الحكومة الملعونة حتى من رئيسـها، التي فشلت في تحقيق سبب وجودها، وهو انتخاب رئيس للجـمهورية، هي سبب انتشار روائح الفساد الكريهة في السراي الحكومية، وفي مجلس النواب، وفي الوزارات والادارات العامة، وفي كل زاوية من لبنان، حتى الهواء الذي يتنفسه اللبنانيون اليوم، بسبب فساد النفايات، والكسارات والمرامل والمعامل والمصانع والحرائق وموتورات الكهرباء، اصـبح بعد تلوث المياه من النبع الى الحنفية، احد الملوثات والعناصر الاساسـية لاصابة اللبنانيين بامراض صدرية وتنفسية وحساسية، بنسـب عالــية جداً.
كل شيء في لبنان فساد، وهو عصيّ على المكافحة، لان الحكومة التي يفترض بها ان تكافحه، فاسدة بامتياز، ومع ذلك، ومع معرفة الجميع بمدى سوء هذه الحكومة، تسمع اصواتاً تطالب ببقائها «قال شو» خوفاً من الاسوأ، وهل هـناك بعد اسوأ من هذه الحكومة التي ثبت بالوجه الشرعي وعلى لسان رئيـسها بانها «كابوس» ومع ذلك هناك من يصر ان تحكمنا الكوابيس الحكومية، اضافة الى الكوابيس الامنية والاقتصادية والمالية التي تؤرق نوم اللـبنانيين وليلهم.
* * *
آخر الحالات التي قد تكون سبباً رئيسياً، بعد حالة النزوح الـسوري الكثيف الى لبنان، ازدياد عدد الشباب اللبناني المهاجر الى ديار الله الواسعة بنسبة مرتفعة جداً، بعدما قطع شبابنا الامل بانتخاب رئيس، وذهاب هذه الحكومة، وقيام الدولة، ولمعلومات هذه الحكومة، فان اللبنانيين الذين تركوا اعمالهم في بعض الدول العربية غير المستقرة والامنة، مثل اليمن وليبيا والعراق، عاد العديد منهــم الى هذه الدول مفضلين الحياة في خطر، على الحياة في عوز وفاقة، علماً بأن حالة الاستقرار النسبية التي يؤمنها الغطاء الدولي والتي لن تســـتمر طويلاً، هي التي تحول دون تدفق اللبنانيين باعداد كبيرة على السفارات طلباً للهــجرة، وعند اول اهتزاز لهذا الغطاء، سيشهد لبنان هجرة كالتي شهدها في آخر الثمانينات واول التسعينات من القرن الماضي.
المطلوب استقالة هذه الحكومة، لان الحسنة الكبيرة التي تحققها هذه الاستقالة، وقف النزف المالي،ووقف الهدر، ووقف المشاريع غير الضرورية، والانصراف فقط الى تصريف الاعمال وحماية الجباية وتفعيلها ومحاربة السطو عليها… ايماني سيكون لبنان افضل من دونها.