Site icon IMLebanon

لماذا “حزب الله” إلى الواجهة بعد النووي؟ لا تسليم أميركياً لإيران بمفاتيح المنطقة

خلال اقل من اسبوع بعد توقيع الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران في 14 من الشهر الحالي، قفز موضوع “حزب الله” الى الواجهة في ثلاث محطات لا تتصل مباشرة بلبنان او بوضعه الداخلي. المرة الاولى كانت على لسان مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي بقوله: “يصف الاميركيون حزب الله اللبناني بانهم ارهابيون ويرون ان ايران تدعم الارهاب في حين هم انفسهم الارهابيون الحقيقيون…”. ويوم الثلثاء الذي تلا التوقيع فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على عدد من قادة الحزب..”في سياق الاجراءات التي تتخذها الحكومة الاميركية ضد الحزب بسبب نشاطاته الارهابية العنيفة لدعم بشار الاسد” مؤكدة “انها ستواصل بحزم استهداف الحزب بسبب نشاطاته الارهابية العالمية وانها ستتعقب مصادر تمويل الحزب..”. وفي الحديث الذي اجرته صحيفة “الشرق الاوسط” مع وزير الخارجية جون كيري في اليوم نفسه والذي اراده طمأنة للدول العربية ان اي اتفاق لم يحصل مع ايران غير الاتفاق النووي قال ان “حزب الله” منظمة ارهابية وان ايران ستبقى معزولة بسبب دعمها للارهاب وما دامت ايران تدعم الحزب فسنصدها ونصد التحركات التي تدعمها في دول اخرى”.

ومع ان الموقف الاميركي ليس جديداً من حيث المبدأ في شأن الحزب، الا انه لا ينفصل في هذه المرحلة عن ايضاح اميركا لحلفائها في المنطقة ان ملف ايران في المنطقة وتطبيع العلاقات معها لم يحصل وهناك اثباتات تعطى لذلك وتاليا فان كل السلوك الايراني في المنطقة هو تحت المراقبة. وتاليا فانه من المبكر التسليم لايران بمفاتيح أساسية في المنطقة يعد لبنان احدها خصوصاً في ضوء ارتباط سوريا ولبنان ارتباطا عضويا بحيث ينعكس احدهما على الآخر وفي الوقت الذي يشغل السلاح الذي تتم تقوية الحزب به في لبنان اسرائيل. وهناك جوانب اخرى يراها البعض في الموقف الاميركي من “حزب الله” واتهامه بالارهاب كما اتهام ايران بذلك لرعايته ورعاية تنظيمات مماثلة بما يريح ايضا الجمهوريين المعترضين في الكونغرس الاميركي على الاتفاق. لكن ذلك يرتب مفاعيل اخرى تتصل بما ستقدمه ايران من اجل ان تكون عضوا في تحالف ضد الارهاب في المنطقة وفق ما روج وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي قال ان المرحلة التالية بعد الاتفاق هو للتوافق على خطوات مواجهة الارهاب كما تحرم هذه المواقف الحزب عملياً من تكريس نفسه وفق الشعار الذي بات يسعى اليه في الآونة الاخيرة من محاربته للارهاب والتكفيريين كما يقول. الا ان هذا موضوع آخر. اذ ما يهم المراقبين اللبنانيين تبعاً لهذه المواقف انه اذا كان من تسييل عملي لهذه المواقف واحتمال ترجمتها في لبنان، فانه لن يكون محتملاً او مرتقباً ان يتم التسليم بانتصار او بمكسب ايراني في لبنان تبعاً للمكاسب التي حققتها ايران في الاتفاق النووي والدفع المعنوي الذي يمكن ان يستفيد منه حلفاؤها تبعا لذلك. فهذه المواقف الساعية للطمأنة في احد جوانبها تشكل رسالة استباقية لايران بما لا يعني التسليم لها طوعا بأوراق او بمواقع اخرى في المنطقة.

وعطفاً على ذلك فان استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع تمت قراءته شكلاً في رمزيته وتوقيته قبل مضمونه بالنسبة الى مصادر سياسية في بيروت من حيث تأكيد استمرار الاوراق اللبنانية في ايدي اللاعبين الاقليميين على ما هي استباقاً لما يمكن ان يطرأ على خط الازمة اللبنانية التي يرى كثر ان مؤشرات كثيرة قد تدفع في اتجاه ان تشهد تطورات ما. فكل يمسك بأوراقه اذا ثمة تفاوض ولو غير مباشر يستدعي حصول تنازلات للوصول الى توافق او لحل الأزمة علما انه ينبغي على ايران ان تكون باتت على بينة بان من تدعمه في لبنان لا فرصة له وفق ما ابلغها الجميع. فالحسابات التي لا يزال يرجحها الجميع ان ربط حلحلة الوضع اللبناني بوضع الازمة السورية على سكة الحل يفترض ابقاء لبنان هادئا ومستقرا بحكومة تمرر المرحلة. لكن التصعيد الذي يقوم به رئيس “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون بات في مرحلة حرجة ومحرجة بالنسبة الى حلفائه قبل خصومه ولو انه يوجه سهامه نحو رئيس الحكومة تمام سلام في شكل اساسي وتيار “المستقبل”. اذ يعتقد بعض المتفائلين ان تعطيل الحكومة الذي سيتحول امراً واقعاً في ظل الشروط العونية وتضامن الحزب معه بحيث تتحول الى حكومة تصريف اعمال ولو من دون استقالتها سيقع في خانة الحزب الذي يقول بحرصه على بقاء الحكومة كما بحرصه على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب في الوقت الذي يلعب حليفه لعبته على حافة الهاوية نسبة الى الاقتناع السائد ان ايران هي من يعرقل انتخابات الرئاسة. وليس توجه فرنسا لفتح الموضوع معها مجددا مع زيارة وزير خارجيتها لوران فابيوس الى طهران هذا الاسبوع الا تأكيد لاسترهان ايران الرئاسة اللبنانية. فتغدو الحكومة التي يشارك فيها الحزب معطلة وغير كافية لكي تشكل تغطية من اي نوع كان في الوقت الذي يعاني مجلس النواب من التعطيل ايضا. ومع ان كثرا يخشون دفع ايران في اتجاه اعادة النظر في التركيبة اللبنانية فان لا طاولة محتملة يمكن ان تجمع اللبنانيين في المرحلة الراهنة بل تبقى الفوضى الخيار الارجح.