IMLebanon

لم «تقوم القيامة» حول ترقية روكز؟

توقعوا اعلان وفاته اليوم فاذا بهم يعلنون تنشيطه عبر سلسلة جلسات سداسية، قد تترافق مع جلستين حكوميتين. هكذا هي الاحوال في لبنان. تزخيم وجرعة اوكسيجين لرفع نسبة الرهان الداخلي على النتائج، لينتقل من صبغة «تقطيع الوقت» الى «المفصلي»، على وقع ارتفاع منسوب الازمات الداخلية ونسبة خطورتها، وانتقال الشارع من المواجهات مع القوى الامنية الى «اشتباكات» بين المتظاهرين و«الشبيحة»، التي رافقت المظاهرتين الاخيرتين، انعقدت الجلسة الثالثة، على امل تنفيس الإحتقان عبر إعادة تفعيل الحكومة التي يمكنها «مواجهة الشارع» من خلال اتخاذ قرارات حاسمة.

فبحسب اوساط مشاركة في الحوار، انطلق النقاش من بند رئاسة الجمهورية، قبل ان ينقل العماد عون الحوار الى مسألة قانون الانتخاب، رغم ان الانقسام نفسه سجل حول مسالة اولوية الرئاسة ام القانون، رغم الايجابية النسبية التي قوبل بها طرح عون الانتخابي، الذي رفضه الرئيس السنيورة، والتزم النائب جنبلاط الصمت حوله، فيما افيد ان الرئيس بري سيتولى ايجاد الاخراج له.عند هذا الحد تم الاتفاق على ان تخصص الجلسات الماراتونية القادمة، والتي ستترافق مع جلستين للحكومة، لبحث مواصفات رئيس الجمهورية، بناء لاقتراح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية والنائب أسعد حردان اللذين تحدثا في بعض المواصفات، فيما فضلت باقي الاطراف تأجيل البحث في تلك النقطة، مشيرة الى أن الجلسات المقبلة ستكون مفصلية إذ ان بري يريد من الجميع التوصل إلى نتيجة من الحوار بجلسات متتالية ومكثفة صباحا وظهرا ومساء، حتى لو إضطروا جميعا للنوم على طاولة الحوار، متعهدا للنائب سامي الجميل بعودة الحكومة الى الاجتماع فور عودة الرئيس سلام من نيويورك.

واذا كان تكثيف الجلسات حمل ابعادا مهمة، فان جلسة الامس جاءت مختلفة مضمونا وشكلا وظروفا عما سبقها، بحسب الاوساط اذ سجلت سلسلة لافتة من التطورات ابرزها:

– تغيير جماعة الحراك المدني من تكتيك تحركهم، معتمدين عنصر المفاجأة في التجمع والتحرك، فيما سجّلت في الأيّام الأخيرة حركة «انتقالات» لناشطين بين بعض الحملات التي أطلقها عددٌ من الشباب، وذلك بسبب اعتراضهم على مسار الحملات التي شاركوا فيها، فقرّروا الانتقال الى حملاتٍ أخرى والاستمرار بالمشاركة في التظاهرات ولكن تحت عناوين أخرى، في مقابل الاجراءات الناجحة لقوى الامن الداخلي التي نجحت في تفادي الاحتكاك، في ظل القرار الواضح بالتشدد إذا ما واجهَت القوى الأمنية ايّ عوائق تحول دون استِتباب الوضع الأمني، وايّ محاولات لخَرق الخطوط الأمنية المتخذة ستواجَه بما يتناسَب وحَجمها. وفي هذا الاطارتنقل مصادر السراي الحكومي عن الرئيس تمام سلام تخوفه من ان يكون وقوف جهات خارجية وراء التحركات في الشارع مبررا للتذرع بحالة اللاستقرار لتجميد المساعدات للبنان.

– مشاركة رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون شخصيا في الجلسة، بعد سلسلة من الاتصالات التي قادها حزب الله اعيد فيها احياء الضمانات والتعهدات التي كان سبق وقدمت للجنرال عشية انطلاق اعمال الحوار، وفي هذا المجال سجل تجاوز العماد عون لمطلبه بانتخاب الرئيس من الشعب متحدثا عن قانون النسبية على اساس تقسيم الدوائر الى 15، دون ان يثير ذلك اعتراض الفرقاء الموجودين. ومع اعتبارها مشاركة عون في طاولة الحوار شخصيا بادرة حسن نية من قبله، تعزز من فرص نجاح الاتصالات الجارية، رأت اوساط في الرابع عشر من آذار ان «الجنرال» بدأ يقتنع بالتنازل عن معركة تأجيل تسريح روكز، مقابل وصوله الى رئاسة الجمهورية، فحساباته تؤكد للفريق البرتقالي، ان تشرين الثاني سيحمل تطورات تصب في مصلحة محور «الممانعة»، وتعبد الطريق له نحو بعبدا، من هنا تغيير الفريق البرتقالي لقواعد لعبته موجها تحركاته نحو القصر الجمهوري، حيث يستعد للتظاهر في محيطه في 11 تشرين الاول، في رسالة واضحة المضمون، مفادها «الشعب يريد وصول العماد عون، لا سواه، الى بعبدا»، رغم محاذير تلك الخطوة مع قرار الجهات المعنية الصارم باعتبار مربع القصر الجمهوري منصة عسكرية لن يسمح باي تحركات ضمنها.

– فشل الخلوة التي عقدت في مكتب رئيس المجلس، والتي ضمت الاطراف الرئيسية المعنية بملف الترقيات العسكرية في التوصل الى اي صيغة توفيقية، بعدما كانت زيارة وزير التربية الى عين التينة الجمعة الماضية قد فتحت شهية بري على المبادرة في هذا المجال، مع اصطدامها بموقف المستقبل الرافض لاي تخط لقيادة الجيش وللقاء الوزاري والرئيس السابق ميشال سليمان الذي يملك عبر وزير الدفاع الحق الحصري بالتوقيع لشرعنة اي اتفاق .ولعل كلام النائب جنبلاط عقب مغادرته ساحة النجمة خير اشارة الى ما وصلت اليه الامور على هذا الصعيد.وتشير مصادر متابعة الى ان كل الصيغ التي طرحت حتى الآن تبقى مخالفة للقانون، رغم ان الاوفر حظا من بينها المخرج الجديد الجاري العمل على بلورته والذي يقوم على استدعاء العميد روكز من الاحتياط، على غرار مدير المخابرات العميد ادمون فاضل، بقرار من وزير الدفاع بناء على اقتراح قائد الجيش. الا ان هذا الطرح موضع درس وتدقيق في المرحلة الحالية، وتقدّمه أوسقوطه، رهن موقف روكز من جهة، وقيادة الجيش والقوى السياسية من جهة أخرى، رغم ان هذا المخرج يسقط نهائيا حلم الرابية بالعودة الى اليرزة، ذلك ان قانون الدفاع واضح لجهة شروط تعيين قائد الجيش الذي يجب ان يكون «ضابط عام ركن في الخدمة الفعلية». وفيما تقر المصادر بان المعركة تخاض من منطق ان اعطاء اي تنازل لعون في مجال الترقيات سيدفعه الى المطالبة بالمزيد، كما انه سيضعف قائد الجيش وبالتالي سيكون له تاثير معنوي على اداء الجيش،تساءلت اوساط التيار الوطني الحر عن سبب مرور استدعاء العميد فاضل من الاحتياط بسلاسة ومن دون ضجة، فيما يثار كل هذا الغبار حول مطلب ترقية او تأجيل تسريح روكز، مضيفة «لماذا الكيل بمكيالين؟ ولماذا تعرقل كل مطالب التيار فيما تقابل كل التجاوزات القانونية بالصمت»؟كاشفة ان الامور عادت الى نقطة الصفر على صعيد الترقيات واستتباعا عودة الحياة الى الحكومة والمجلس.

– تجديد فريق الرابع عشر من آذار التمسك بمبدأ «الرئيس التوافقي» للجمهورية، مطالبة الفريق الآخر بوجوب الخروج من دائرة المراوحة الرئاسية والانتقال إلى البحث عن صيغة توافقية تتيح انتخاب مرشح جامع للبنانيين غير متحيّز لفريق ضد آخر، معولة في مطلبها على الحركة الدولية الديبلوماسية التي سيكرسها التحضير للمجموعة الدولية لدعم لبنان، والتي ستنعقد نهاية الشهر في نيويورك، والدينامية التي سيخلقها وقد تؤدي الى مبادرة تتخذ شكلا مختلفا عن المبادرات السابقة، من أجل المساعدة على إنتخاب رئيس للجمهورية، رغم اقرار جهات دبلوماسية عدم وجود مبادرة دولية بشأن الأزمة في لبنان حاليا، وإنما حالة دولية ضاغطة لإنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، بعدما وجد المجتمع الدولي أن أوضاع البلد باتت سيئة والوضع الداخلي الشعبي وإحتجاجاته حول الأمور الحياتية لا تحتمل، والحكومة لم يعد بإستطاعتها إتخاذ قرارات ولا يمكن أن تستمر بهذه الطريقة.