لماذا هذه الغيرة المفاجئة على الموازنة؟ ولماذا كان الأمر متعذراً حتى في ظل وجود رئيس للجمهورية؟
أوساط سلام متفائلة ودرباس يهدد ووزراء بمقاطعة جلسات الحكومة إذا لم تقرّ
فجأة شمّر الوزراء عن سواعدهم وأدركوا مخاطر بقاء البلد من دون موازنة لأكثر من عشرة أعوام، فقرروا التصدي لهذا الأمر، من خلال الاستعداد لإقرار الموازنة العامة للعام 2017 بعد مناقشتها في مجلس الوزراء، لكن من دون تحديد موعد لذلك، على أن يصار بعدها إلى إحالتها إلى مجلس النواب ليقوم بدوره التشريعي على هذا الصعيد، وسط تساؤلات عن أسباب هذه الاندفاعة الوزارية وبدون مقدمات، ولماذا حل التوافق على الموازنة الآن في ظل الفراغ الرئاسي؟ ولماذا كان هذا الأمر متعذراً في ظل وجود الرئيسين ميشال سليمان وأميل لحود؟ عدا عن أن هناك عقبات لا زالت موجودة أمام السير بمشروع الموازنة، سيما في ما يتصل بقطع الحساب المالي عن السنوات الماضية وتحديداً في ما يتعلق بقضية الـ«11» مليار دولار التي لا يزال الخلاف بشأنها قائماً بين فريقي «8 و14 آذار»، ما يثير الكثير من التساؤلات عن مدى قدرة الحكومة على الالتزام بواجبها الدستوري على هذا الصعيد، في حال لم تذلل هذه العقبات ويتم إيجاد حل للقضايا العالقة التي تحول حتى الساعة دون السير جدياً بمشروع الموازنة المتعثر منذ أكثر من عشر سنوات.
وفيما تشير أوساط حكومية قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام لـ«اللواء»، إلى أن الأجواء إيجابية داخل مجلس الوزراء في ما خص إقرار الموازنة العامة، في ظل وجود استعداد تام من قبل جميع الوزراء كما ظهر لإقرار هذا المشروع، وبالتالي العمل على تذليل العقبات التي لا تزال موجودة على الطريق، رأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أن الحكومة بإمكانها إصدار الموازنة بمرسوم، لكن في حال تخلف مجلس النواب عن إقرارها وفقاً للأصول، مشدداً في الوقت نفسه، كما يقول لـ«اللواء»، على أهمية أن يقوم مجلس الوزراء بدوره ويعمل على إحالة الموازنة إلى المجلس النيابي، لكي يقوم الآخر بواجبه التشريعي على هذا الصعيد، ومبدياً تفاؤله بإمكانية إحالة الحكومة الموازنة إلى مجلس النواب قريباً، سيما وأن أحداً من الوزراء لم يقل، إنه يعارض إقرار الموازنة.
ولفت درباس إلى أن عدداً من الوزراء اقترح تكليف مؤسسة تدقيق حسابات عالمية لإزالة الالتباس الحاصل بشأن قطع الحساب الخاص بـ11 مليار دولار التي صرفت في السنوات الماضية، لكن أن يتم استغلال هذا الموضوع لتعطيل مسيرة الدولة وعدم إقرار الموازنة، الأمر الذي سيدفعني مع عدد من الوزراء لتعليق حضورنا جلسات الحكومة، إذا لم تقر الموازنة في مجلس الوزراء وترسل إلى مجلس النواب.
في المقابل، تلفت أوساط نيابية في قوى «14 آذار»، إلى أن لا عذر أمام الحكومة لإقرار الموازنة، باعتبار ذلك مدخلاً أساسياً لإصلاح وضع المالية العامة، وعلى مجلس الوزراء ألا يتخلى عن واجبه تجاه هذا الأمر، وسيكون مجلس النواب مستعداً للقيام بدوره التشريعي لمناقشة الموازنة وتشريحها بعد إحالتها إليه من قبل الحكومة، مشددة على أن الأمور واضحة من قبل «14 آذار» في ما يتصل بقضية الـ«11» مليار دولار، حيث سبق للرئيس فؤاد السنيورة ولكتلة «المستقبل» أن أوضحا مراراً وفي أكثر من مناسبة، تفاصيل صرف هذا المبلغ، بما يزيل أي التباس ممكن، إلا عند الذين لا يريدون أن يروا الأمور على حقيقتها، وإنما يريدون الإبقاء على افتعال المشكلات وخلق العقبات والعراقيل أمام تسيير شؤون الدولة.