IMLebanon

لماذا «دَغدَغَ» عون جعجع؟

أمّا وقد عَجِز الغرب وإيران عن التوصل الى اتفاق نهائي بينهما حول برنامج طهران النووي، كيف يمكن أن ينعكس هذا الأمر على الوضع اللبناني عموماً، وعلى الحوار المرتقب بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»؟

في الأساس، ما رشَحَ عن تحضيرات للحوار الداخلي لم يَرقَ بعد الى مستوى مشجع عملياً، على رغم الرغبة وحسن النوايا اللذين أبداهما الفريقان، وبالتالي لا بد من إبداء الملاحظات الآتية:

أولاً، إن مبدأ الحوار جيّد، ولكنه غير كافٍ حتماً، ما لم يُترجَم بآليات وتفاهمات واقعية تحفظ مصلحة الفريقين بالتساوي، وتفُك الإشتباك الحاصل مع النزاع الدائر في المنطقة عموماً، وفي سوريا خصوصاً.

ثانياً، الحوار على ماذا؟

إذا كان «حزب الله» لا يريد إدراج قضية إنتخابات رئاسة الجمهورية على جدول أعمال الحوار الذي يُعدّ له رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأنٍ، بذريعة وقوفه الى جانب حليفه العماد ميشال عون، ولا يستطيع التخلّي عنه طالما هو لا ينسحب من السباق، وإذا كان «حزب الله» يرفض أي نقاش في دخول قواته الى سوريا وقتاله دفاعاً عن النظام السوري، وإذا كان «الحزب» تجاوز أحد أبرز العناوين الخلافية مع «المستقبل» وقوى الرابع عشر من آذار، وهو سلاحه، ولم يَعُد هذا الموضوع قابلاً لأي نقاش، فما الذي يُغري «المستقبل» ويشجّعه على التحاور مع «حزب الله»؟

ثالثاً، إن «المستقبل» قد يتجاوز طرح مسألة السلاح في هذه المرحلة نظراً الى الأخطار التي تُمثلها «داعش»، وقد يتخلّى عن إثارة التدخل العسكري لـ «الحزب» في سوريا بحجة فك الإرتباط مع الأزمة الإقليمية، لكنه لا يستطيع أن يتحمّل حواراً داخلياً يتجاهل معالجة الشغور في الموقع الرئاسي الأول في لبنان، لما يُرتّب ذلك من أضرار على علاقاته مع المسيحيّين.

إن «تيار المستقبل» ليس في وضع مريح يتيح له السخاء السياسي. فهو لم يتأخّر في ضمان الغطاء السياسي للجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة الإرهابيّين في معركة عرسال وتطبيق الخطة الأمنية في طرابلس والشمال، فيما لم يُبادر «حزب الله» الى تحصين تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، حسب تقويمه. ولم يسعَ «المستقبل»الى استثمار الشهادات السياسية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

ولم يتناغَم مع الموقف السعودي المُطالب بوضع «حزب الله» على لوائح الإرهاب، بل اعتبره رسالة الى إيران وموقفاً موجّهاً لـ «الحزب» في سوريا. وفوق كل ذلك، يخوض»المستقبل» معركة في مواجهة التطرّف داخل مجتمعه وبيئته.

إلّا أن هناك من يرى تطوّراً متقدّماً في استراتيجية «الحزب» يقوم على:

1- الموافقة على فك الإشتباك مع النزاع السوري. وهذا ما دفع «الحزب» الى الإمتناع عن الردّ على الموقف السعودي.

2- تحصين التفاهم السياسي والأمني الذي يرعى الحكومة الحالية، بما يريح «الحزب» في سوريا، ويُخفّف التشنج المذهبي في لبنان، ويُحسّن ظروف المواجهة مع «داعش».

3- إعادة الروح الى المؤسسات وانتظام عملها ما يتطلب التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية، وتفعيل عمل المجلس النيابي.

من هنا، يقرأ هذا البعض إستنفار العماد عون و«دغدغته» الدكتور سمير جعجع لخلق ثنائية رافضة لأي خرق رئاسي على حسابه، كما فَعَلا معاً في رفض ترشيح مخايل الضاهر للرئاسة عام 1988.

لكن تمديد المفاوضات بين الغرب وإيران، قد يخلط الأوراق مُجدّداً ويُبدّل حسابات اللبنانيّين، ويُطيل عمر «الستاتيكو».