حين اطلق الرئيس ميقاتي مقولته التي باتت شهيرة : «لنتنافس من اجل طرابلس وليس على طرابلس» تحولت الى شعار سياسي بدأ ترجمته ميدانيا منذ اعلانه عن تأسيس «نور الفيحاء» لانارة المدينة على مدار اربع وعشرين ساعة يلغي بها سني الظلام والتقنين القاسي ويطوي صفـحة من المأسي التي عاشـتها طرابلس.
هذه المنافسة السياسية التي اعلنها ميقاتي من اجل طرابلس لم ترق بعض سياسيي المدينة لا سيما تيار المستقبل الذي ازعجه الشعار بقدر ما يزعجه الحراك المتواصل لميقاتي في ارجـاء المدينة التي استفاقت لتجد نفسها محرومة منذ أن القت بنفـسها في احـضـان «الـزرق» وقدمـت لاجل زعـيمها وقياداتها الكثير من التضحيات دون أن تلقى عناية ورعاية خاصة من التيار، اللهم الا كلمات الثناء والمزيد من الوعود والهبات «الاعلامية» التي لم تجد ترجمة لها في ميادين المدينة وخاصة في الاحياء التي كانت مسرحا لجولات العنف العبثي المحقونة بالمذهبية الدخيلة على نسيج الطرابلسيين الاجتماعي والطوائفي…
ما تشهده الساحة الطرابلسية راهنا حسب مصدر سياسي هو الانقسام العمودي الحاد بين القوى والتيارات السيـاسيـة في مشهد غير مألـوف نتـيجة صراعات مبـكرة على موقـع قيادة المديـنة واعتلاء منصب المرجعية التي فقدتها طرابلس منذ سنوات حيث باتت تعددية المرجعيات السائدة بعد ان كانت ذات مرجعية آحادية تمثلت بآل كرامي على مدي سنين طويلة، حتى العـام 2015 التي كانت مفصلية على الساحة اللـبنانية برمتها والساحة الطرابلسية بشكل خاص حين انتفض الطرابلسيون بعواطفهم الجياشة والتفوا حول تيار المستقبل بعد عمليات الشحن الطائفي والمذهبي والغيرة على اهل السـنة من منطلق ان جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري صنفها البعض اغتيالاً لرمز سني…
غير ان الطرابلسيين لاحقا بدأ الاحباط يتسرب اليهم رويدا حتى بلغ الذروة في السنوات الاربع الاخيرة فيما كان الضباب ينكشح وتتوضح الصورة بين من امتهن توظيف المشاعر والغرائز المذهبية في خدمة مشروعه السياسي وبين من قدم ولا يزال لاهل طرابلس الكثير من الخدمات على مختلف المستويات…
عند الاعلان عن «نور الفيحاء» صدرت تعليقات سياسية محلية من نواب وبعض الوزراء، لكنها لم تتمكن من سرقة الاضواء عن هذا المشروع لسببين رئيسيين:
اولا ان تأسيس «نور الفيحاء» اخذ طريقه القانوني واظهر جدية في المشروع لا يمكن التشكيك فيها.
ثانيا المصداقية في التواصل الخدماتي والانمائي والانساني مع الاحياء والشرائح الشعبية كافة، مما فاق الآخرين الذين اقتصرت خدماتهم على وعود لم تر النور بعد.
حسب المصدر ان هذا المشروع اثار حفيظة التيار الازرق الذي وجد نفسه ينزلق من جديد ويحبط بعد كل المحاولات التي بذلها قادة التيار لاستعادة الميادين الشعبية… وحسب المصدر السياسي ان احد قادة «المستقبل « سمع يقول ليفعل الآخرون ما شاؤوا المهم «من يضحك في النهاية « فاهل السنة في طرابلس ينقادون لنا نحن الممثلون الشرعيون لاهل السنة في لبنان»..
يقول المصدر: يبدو انه غاب عن التيار الازرق ان معظم اهل السنة مزمعون على محاسبة من ورطهم في الاحداث ثم زج بهم في السجون وتخلى عنهم وعن عائلاتهم التي تعاني الفقر والجوع… ولم يعد تجوز عليهم كل الترهات التي قيلت وستقال لاحقا ..
يرى المصدر ان من يريد رضى الشارع عليه الوفاء بوعوده والتنافس الشريف من اجل النهوض بالمدينة المنكوبة وليس الغوص في صراعات سياسية تزيد من نكبات المدينة وحرمانها..
وطرابلس اليوم حسب المصدر تعي من ينهض بها ويأخذها الى الانماء ويقتضي الاقتداء بالثنائي ميقاتي ـ الصفدي في تنقية القلوب من اجل المدينة وحدها مثل هذه الخطوة تؤدي الى خارطة طريق تنهض بطرابلس وتحقق للطرابلسيين احلامهم في الانماء ..