IMLebanon

لماذا التريّث الإماراتي تجاه لبنان..؟

 

اللبنانيون في دولة الإمارات العربية يعيشون حالة حذر وترقب، لما سيؤول إليه مسار العلاقات مع لبنان بعد فترة ليست قصيرة من الفتور، بسبب الدور الذي يلعبه حزب الله في المحور الإيراني وامتداداته في المنطقة، والتي وصلت إلى اليمن، حيث تخوض الإمارات الحرب إلى جانب الحكومة الشرعية، مع المملكة العربية السعودية ودول التحالف الأخرى، فضلاً عن الخلايا التي تم اكتشافها داخل الإمارات، وتم اتهام أفرادها بالعمل لمصلحة حزب الله.

كان من المتوقع أن تعود الحرارة إلى العلاقات الأخوية بين البلدين بعد تشكيل الحكومة الحالية، وأن يصدر قرار إلغاء منع سفر المواطنين الإماراتيين إلى لبنان، على النحو الذي حصل من جانب الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية، سيما وأن التنسيق القائم بين الرياض وأبوظبي، يكاد يشمل الأوضاع الراهنة في المنطقة، كما أن حركة سفيري البلدين وليد بخاري وحمد الشامسي، المنسقة حيناً، والمتلازمة أحياناً، تدلل على مدى التقارب والتطابق في المواقف بين السعودية والإمارات.

ولكن عدم صدور القرار الإماراتي بعودة مواطنيهم إلى لبنان، رغم مرور حوالى الشهرين على تشكيل الحكومة، ثم نيلها ثقة المجلس النيابي، وبدء الإعداد لورشة إصلاحات مؤتمر سيدر، الذي شاركت فيه دولة الإمارات بفعالية، أثار أكثر من علامة استفهام، حول خلفيات التريّث الإماراتي في دعم الحكومة اللبنانية الجديدة، والمساعدة في إخراج البلد من أزمته الاقتصادية الراهنة.

معلومات أوساط لبنانية متابعة لتطورات العلاقات بين البلدين، تشير إلى أن الاجتماعات التي عقدها الرئيس سعد الحريري مع رئيس حكومة الإمارات، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، على هامش القمة الحكومية العالمية، كانت ودية وصريحة. وكذلك اللقاء الذي تم في أبوظبي بين ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن زايد ورئيس الحكومة اللبنانية، حيث أكد رجل أبوظبي القوي استعداد بلاده لتقديم كل الدعم اللازم للبنان، في حال تمكنت الحكومة من الحفاظ على سياسة النأي بالنفس التي التزمت فيها في بيانها الوزاري، مشدداً على أن الإمارات تعتبر الأمن والاستقرار في لبنان، جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار الأمن القومي العربي، الذي تعمل الإمارات بالتعاون مع المملكة العربية السعودية على حمايته من المخططات الإيرانية التي تستهدف أمن ووحدة أكثر من بلد عربي.

تعزو هذه الأوساط اللبنانية التريث الإماراتي في الانفتاح على لبنان إلى حالة عدم الاستقرار السياسي الراهنة، بسبب استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية حول ملفات داخلية حيوية، وملفات خارجية ذات طابع استراتيجي، في مقدمتها موقع لبنان من الصراع المحتدم بين الخيار العربي والتمدّد الإيراني، والسياسة التي يتبعها حزب الله حالياً في الظهور وكأنه اللاعب الأساس في إدارة الدفة السياسية في البلد، في ظل شبه غياب لمعارضة فاعلة ضد محاولات الحزب الهيمنة على القرار السياسي في البلد.

في حين يرى البعض الآخر أن الإمارات تتجنب تكرار الخطوة التي اتخذتها تجاه دمشق أواخر العام الماضي، ولم تؤتِ ثمارها، فكان أن عمدت إلى سحب القائم بالأعمال من العاصمة السورية، وتجميد نشاط سفارتها من جديد في العاصمة السورية.

لبنانياً، تشير هذه الأوساط إلى غياب الديبلوماسية اللبنانية عن الساحة الخليجية، حيث لا زيارات لوزراء لبنانيين لدولة الإمارات مثلاً، ولا دعوات لنظرائهم لزيارة لبنان والبحث في القضايا المشتركة التي تهم البلدين، بما يعزز العلاقات الأخوية ويساعد على تنمية المصالح المشتركة.

وباستثناء بعض النشاطات المحلية التي تقوم بها الجالية اللبنانية في أبوظبي ودبي، فإن الحضور السياحي اللبناني مفقود، بشكل معيب، في حين تنشط دول أخرى آسيوية وأوروبية، بما فيها سنغافورة وماليزيا وبريطانيا، في تنظيم حملات ومناسبات لجذب المواطن الإماراتي إلى بلدانها.

الواقع أن عودة الروح للعلاقات اللبنانية الخليجية، لا سيما الإماراتية، واستعادة تجارب التعاون السابقة، لا تنفيان مبررات مشاعر الترقب والحذر عند اللبنانيين في الإمارات وحسب، بل وتعززان صمود لبنان أمام الضغوط الخارجية التي يتعرّض لها، وتدعمان كفة الخيار العربي بمواجهة التمدّد الإيراني في وطن الأرز، وتساهمان في ترسيخ الأمن والاستقرار في البلد، الذي يبقى أساسياً في منظومة الأمن القومي العربي برمته.