قد لا تكون قوى 8 اذار خرجت منتصرة من حرب الانتخابات البلدية، لكن ما هو مؤكد ان قوی 14 اذار قد دخلت في حروب مع شركائها الى درجة تسجيل انتصارات لا تذكر سوى في عدد قليل من المناطق بما فيها العاصمة بيروت وبوابة الجنوب صيدا، فيما كانت شبه كارثة بالنسبة الى ما حصل في طرابلس تحديدا حيث حصلت مجزرة من جانب تحالف غير محسوب على احد باستثناء مساندته من جانب وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي، الذي عرف اكثر من سواه كيف يجيش النقمة السياسية والشعبية لما فيه مصلحته حيث حصل شبه اجماع على رفض التقليد؟!
من حيث المبدأ لم تكن قوى 8 اذار افضل حاليا باستثناء ما حصل مع حزب الله وحركة »امل« حيث كان تجييش مذهبي وطائفي فائق الدقة في معظم مناطق الغالبية الشيعية التي قالت كلمتها لما فيه مصلحة الحزب والحركة من غير حاجة الى تقويم مختلف للنتيجة في معظم المناطق اللبنانية، لاسيما تلك التي كانت محسوبة على ما فيه توافق في الشراكة الوطنية ليس لان الامور العائدة الى قوى 14 اذار كانت منذ اخلت ببعضها بل لان المستقلين دخلوا على خط المصالح العائلية كما ضربوا على وتر المصالح الشخصية بحسب اجماع النتائج؟!
المهم في نظر الجميع ان احدا لم يسجل بطاقة حمراء لما فيه مصلحة خصومه الذين لم يبدوا بدورهم افضل حالا منه لان من اشتغلوا لبعض التحالفات كانوا بعيدين عن اللون الواحد الذي يفهم منه ان بعضهم قد نجح في تجييش اعلان التحالف لمصلحة سواه فيما تأكدت بعض العصبيات ذات العلاقة بالمصلحة المذهبية – الدينية في مناطق على حساب مناطق اخرى لم يقدر احد على خرقها من غير حاجة الى صراع نفوذ كما حصل مع حزب الله وحركة امل، اسوة بما حصل مع القوات اللبنانية التي عرفت كيف تنظم صفوفها في مناطق من دون اخرى.
وما هو اكثر اهمية هو تحالف القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الذي خسر في منطقتين اساسيتين مثل جزين والقبيات، فيما نجحا بشق النفس في مناطق اخرى جراء فشل الاخرين في خرقها سياسيا بعكس ما حصل مثلا في منطقة طويلة عريضة مثل طرابلس حيث ظل المسيحيون من دون تمثيل ليس لانهم لم يخوضوا معركة بل لانهم حيدوا انفسهم عن خوض معركة لا مجال لربحها لولا ما حصل مع تحالف الحريري وميقاتي والصفدي والجماعة، وهؤلاء بدورهم لم يعرفوا كيفية لعب ورقة طرابلس المستقلة تارة لانهم لم يعرفوا كيف يصرفون عليها، وتارة اخرى لان غيرهم اعرب عن خشيته من غيرة الدين من دون سواها.
لهذه الاسباب ولغيرها ظل المسيحيون من دون تمثيل في بلدية طرابلس التي عانت بدورها من عدم تمثيل التقليد الاسلامي الذي يجسده التحالف الثلاثي الذي غاب بدوره عن النتيجة بفعل مكابرته، فيما كان على هؤلاء ان يتعلموا من درس بيروت التي كانت على مشارف الخرق لولا الاحتراز الذي ظهر في مناطق معينة على حساب مناطق اخرى وتحديدا من جانب المسيحيين الذين لعبوا اكثر من ورقة، من دون حاجة الى ان يعرفوا كيف يثبتون اوضاعهم الى حد الاقتراب من حافة السقوط؟!
وهناك سؤال لا بد منه بالنسبة الى تحالف القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر اللذين لم يعرفا مثلا ان الوزير بطرس حرب قادر على مواجهتهما في معظم مناطق البترون لو ترك له المجال لان يتحالف مع العائلات خصوصا في محيط تنورين التي سيطر عليهما من غير حاجة الى منافسة جدية تحسب من ضمن الاسلحة التي استخدمت في حرب الانتخابات البلدية، وما يقال عن تنورين قيل مثله عن عدد من مناطق عكار حيث استحال على الثنائي عون وجعجع تسجيل فوز مستحيل في بلدة القبيات التي فضحت هزال تمثيل العسكر بناء لخدمات كان سبق للوزير السابق مخايل الضاهر ان قدمها بسخاء لابناء القبيات.
كذلك، لا بد من كلام على مناطق فاز فيها الحزب القومي من خلال بعض التحالفات الشكلية مع المستقلين والعائلات وتيار المردة، والمقصود هنا قوة القومي في مناطق الكورة التي كانت محسوبة على من تصور انه قادر على الربح فيها بعكس ما جاء في النتائج.
الخلاصة انه لا بد من البحث في النتائج على اساس ما حصل وليس على اساس الخسارة وحدها، خصوصا ان الكلام الذي قيل عن نتائج الانتخابات البلدية في بيروت قد اختلف في الحصيلة عما خرجت به المعركة في طرابلس التي من الواجب ان تلخص نتيجة تذكر في مصلحة من خسر قبل النتيجة التي حصل عليها من ربح؟!