IMLebanon

ماذا ستُحقّق موسكو من حوار بلا رصيد؟

يوماً بعد آخر تتوالى مواقف تيارات المعارضة السورية الخارجية الرافضة المشاركة في اجتماعات موسكو المقرّرة نهاية الشهر الجاري، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة عن أسباب الرفض الفعلية وجدوى عقد تلك الاجتماعات.

إنّ عدم مشاركة شخصيات وفصائل فاعلة في الائتلاف السوري المعارض في مشاورات موسكو، تفرّغُها من مضمونها وتضعُ الظروف التي دأبَ على إنجازها الديبلوماسيّون الروس خلال الأشهر الماضية على المحكّ، الأمر الذي سيدفع الروس حتماً إلى مراجعة مواقفهم في ما يتعلق بالبحث عن حلول سياسية للأزمة، وبالتالي فإنّ ذلك سيحدّ من جهودهم في مدّ خطوط التواصل مع بعض أطراف المعارضة السوريّة الخارجية.

أوساط الخارجية الروسية تضَع رفضَ بعض الأطراف المشاركة في لقاءات موسكو في سياق محاولات إجهاض مساعي الحلّ السلمي للأزمة السورية، وتنقل عن كبار الديبلوماسيين الروس انزعاجَهم من إعلان شخصيات معيّنة وفاعلة في الائتلاف السوري المعارض، عدم المشاركة، على رغم أنّها أبدت ليونةً لافتة خلال المشاورات التي أجراها معها المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، حتى إنّ بعضها أبدى رغبةً في إطلاق حوار بلا قيود وعلى قاعدة مقرّرات «جنيف 1»، الأمر الذي اعتبرَته موسكو بدايةً إيجابية تؤسّس لحوار جدّي يمكن البناء عليه لاحقاً في إطلاق مفاوضات مباشرة بين الحكومة السورية وكلّ أطياف المعارضة.

وتُرجّح الأوساط أن تكون العوامل الخارجية قد لعبَت الدور الأساس في عرقلة الجهود الروسية، في اعتبار أنّه إذا تمّ تحقيق تقارب بين أطراف النزاع السوري على طاولات موسكو، فإنّ ذلك سيخفّف من دور وتأثير بعض العواصم الغربية والإقليمية والعربية على مسرح الأحداث هناك، وسيجعل من موسكو عرّاباً أساسياً للحلّ. وتؤكّد الأوساط أنّ الهدف الذي تعمل موسكو على تحقيقه هو وقف النزيف السوري، وليس الحصول على نقاط لرفعِ أسهمِها على الساحة الدولية، لذلك فإنّها ستبذل الجهود لجَمعِ أكبر عدد ممكن من المعارضين السوريين وفق البرنامج والموعد الذي يُعدّه أركان الخارجية الروسية.

على ما يبدو أنّ مطبّات كبيرة ومعوقات كثيرة ومعقّدة باتت تقف عائقاً أمام وصول قطارات المعارضة السورية المختلفة إلى موسكو، لكنّ صنّاع السياسة الخارجية في روسيا لا يزالون يراهنون على تعديل بعض المواقف في ربع الساعة الأخير من انطلاقة المفاوضات نهاية الشهر الجاري، وعلى خيوط الاتصالات التي لم تنقطع مع كلّ الأطراف المعنية، على رغم المواقف المتشدّدة التي أعلِنَت نهاية الاسبوع الماضي، ما يعني أنّ موسكو لا تزال ترى بصيص أمل في إمكان التوصّل الى قواسم مشتركة بين مكوّنات المعارضة الداخلية والخارجية، الأمر الذي يمكن ان يفتح طرقاً فرعية مبدئياً للوصول إلى موسكو.

لكن ليس الحراك الروسي وحدَه الذي يصطدم بالعقبات، بل إنّ المؤشّرات تفيد بأنّه على رغم تحقيق المبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا بعض المصالحات المحَلّية إلّا أنّ مبادرته تغيب تماماً عن التداول، ما يعني أنّها لم تلقَ الاهتمام والتأييد والدعم الدولي حتى في أروقة الأمم المتحدة، ممّا يضع جهود الرَجل على خطى سَلفَيه كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي.

وهنا تُطرَح علامات استفهام كثيرة عن إصرار الروس على المضيّ في التحضير لعقدِ لقاء موسكو الذي يبدو كمَن يراهن على حصان أعرج في ظلّ غياب عدد من أقطاب المعارضة، وفي ظلّ تعثّر مساعي دو ميستورا.

فماذا ستحقّق الديبلوماسية الروسية من تنظيم حوارات لا رصيدَ لها؟