تتّسع يوماً بعد يوم رقعة الخلافات بين الجنبلاطيين والإرسلانيين على خلفيات متعدّدة، وتظهر جلياً في بعض المحطات والمناسبات السياسية والإجتماعية التي يتكرّس فيها التباعد، حيث يسأل قيادي إشتراكي مخضرم، كيف أن النائب طلال إرسلان غاب عن مناسبة بلدية في بلدة بيصور إلى جانب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ونواب اللقاء في عاليه وممثّلين عن أحزاب المنطقة وقياداتها بمن فيهم حلفاء النائب إرسلان، أي «حزب الله» ونواب حركة «أمل»، وبالتالي يشارك في مناسبة أخرى في البلدة نفسها، وذلك في مأدبة غداء كان أقامها النائب غازي العريضي في قصره في بلدة بيصور. وتحدّث القيادي الإشتراكي عن اتّساع الهوّة بين جنبلاط وإرسلان في الفترة الأخيرة، إنطلاقاً من الخلاف الكبير حول العناوين الداخلية، كالإستحقاق الرئاسي وقانون الإنتخاب، والملف الدرزي الداخلي، حيث لم يُسجّل أي لقاء بين النائب إرسلان وشيخ العقل نعيم حسن، علماً أن قيادات قريبة وحليفة لإرسلان كالوزير السابق وئام وهاب، والنائب السابق فيصل الداوود سبق وأن زارت الشيخ نعيم حسن في دار الطائفة الدرزية في فردان. وتتركّز الخلافات بين خلدة والمختارة حول الموقف المتباين من الوضع الدرزي في جبل الدروز، لا سيما في ضوء استقبال النائب إرسلان في الفترة الأخيرة وفداً من آل الأطرش، إضافة إلى مشايخ وفاعليات من السويداء وقرى جبل الدروز، وذلك في سياق الدعم الواضح للنظام السوري، خلافاً للموقف الجنبلاطي المعلن ضد هذا النظام، وانتقاده الدائم لانحياز دروز سوريا إلى جانبه في الصراع الدائر.
وفي هذا المجال، كشفت معلومات، عن أن حالاً من الإنقسام الحاد قد بدأت تتكرّس بين القاعدتين الجنبلاطية والإرسلانية في معظم قرى وبلدات الجبل، إنما من دون أن يؤدي ذلك إلى حصول أي احتكاكات أو إشكالات في الشارع. فالتباعد واضح على أكثر من مستوى وصعيد سياسي واجتماعي، ولعلّ ما جرى في احتفال بلديات الشحّار الغربي، يمثّل خير دليل على هذا التطوّر القائم بين الطرفين، وذلك بالإضافة إلى ظهور سلسلة إشارات بدت كرسائل متبادلة بين خلدة والمختارة، أبرزها اللقاءات التي تحصل في دارة النائب إرسلان في عاليه، والتي رأى فيها مسؤولون في الجانب الإشتراكي محاولة لـ «الزكزكة» واستعادة النفوذ الذي كان قد خسره النائب إرسلان في المنطقة، حيث درج النائب جنبلاط، وخلال الإنتخابات النيابية السابقة، على ترك مقعد شاغر في لائحته للنائب إرسلان.
وأضافت المعلومات نفسها، أن جولات سياسية وانتخابية قد سُجّلت في المرحلة الأخيرة للنائب إرسلان في بلدات وقرى في منطقة عاليه، شملت مشايخ وعائلات يلتقيها للمرّة الأولى بعدما كان في السابق غائباً عن مثل هذه التحرّكات لأسباب متعدّدة.
ولاحظ القيادي الاشتراكي المخضرم، أن هذه التباينات السياسية الواضحة قد بدأت تزعزع وحدة البيت الدرزي الداخلي، وتهدّد وحدة الجبل بشكل عام، لافتة إلى أنه من الضروري اليوم التوجّه نحو المبادرة مجدّداً للعمل على حماية الإستقرار الداخلي في قرى الجبل، وذلك من خلال تخطي الخلاف السياسي العميق، والتركيز على الأولوية الأساسية المتمثّلة بالحفاظ على الإستقرار والأمن، إلى جانب الإعتراف المتبادل بالإختلاف في الرؤية والمقاربة للملفات السياسية الداخلية والإقليمية، وبشكل خاص الصراع الحاصل في سوريا. وأكد على وجوب اعتبار أمن الجبل خطاً أحمر في ظل التحوّلات الجارية في لبنان كما في المنطقة، وبدء الحديث عن تسميات ستكون لها ارتدادات مباشرة على الواقع الدرزي الداخلي في لبنان