IMLebanon

مشروع ولاية الفقيه الى أين؟  

 

بالرغم من الإخفاقات التي يتعرض لها مشروع ولاية الفقيه في العواصم الأربع التي كان يفاخر كبار المسؤولين الإيرانيين بأنهم يسيطرون عليها إبتداءً من علي خامنئي إلى حسن روحاني إلى قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني وسواهم…

 

فعلاً هذا النظام الايراني يعيش في الأحلام والأوهام، ولو توجهنا بسؤال بسيط: ماذا حقق هذا النظام؟ للإجابة نبدأ بإيران:

 

كيف كانت إيران أيام الشاه وكيف أصبحت اليوم؟ يكفي أن نأخذ فعلاً واحداً: الجيش الايراني كان أقوى وأهم جيش في المنطقة، وكانت واشنطن تعتبره خط الدفاع الأول عنها وعن الحلف الاطلسي ضد الاتحاد السوڤياتي وحلف وارسو.

 

ومن الناحية الاقتصادية، كان الدولار يساوي خمسة تومان، أما اليوم فالدولار الواحد يساوي ١٢٠ ألف تومان.

 

كذلك منذ انتهاء عهد الشاه ومجيء الخميني الى إيران لا يزال هذا البلد من دون مصافي لتكرير النفط، وهي البلد النفطي الذي ينتج ٤ ملايين برميل يومياً.

 

وأيضاً الوضع الاقتصادي الايراني عموماً أكثر من مزرٍ، والفقر والكساد من علاماته.

 

هذا عن إيران فماذا عن سوريا؟

 

عندما تسلم بشار الأسد الحكم بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد في العام ٢٠٠٠ كانت سوريا من أهم الدول العربية ازدهاراً ومكانة، ولم يكن عليها أي دولار واحد ديناً، وكان الدولار يساوي ٤٥ ليرة سورية، واليوم يساوي ٧٠٠ ليرة، وعلى تصاعد، أكثر من نصف شعبها مهجّر (١٥ مليوناً)، الدمار شامل المدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة إضافة الى المنازل والبنى التحتية.

 

والأهم سقوط نحو مليون ونصف مليون شهيد، وأما سقوط السيادة السورية فيكفي أنها مناطق نفوذ لكل من إيران وتركيا وروسيا وأميركا الخ…

 

وأما العراق… فما لم تقدر أميركا على تدميره في هذا البلد الذي كان من أكبر البلدان العربية المنتجة للنفط، والتي تقع ما «بين النهرين» (دجلة والفرات) والتي كانت قد أقامت مفاعلاً نووياً قبل ٤٠ سنة، والتي كانت وحدتها الوطنية ثابتة وصامدة فلا أحد يعرف من هو السنّي ومن هو الشيعي ومن هو المسيحي…

 

وأمّا اليمن الذي كان على حسن الجوار مع محيطه العربي خصوصاً المملكة العربية السعودية فقد حوّله التدخل الايراني في شؤونه وهيمنته على فئات من شعبه الى مشروع فتنة مستدامة (منذ بضع سنوات) ضد المملكة وسائر بلدان الخليج… ما أدّى الى الانفجار الكبير والحرب فيه… هذا اليمن الذي كان «سعيداً» بات بفضل الهيمنة الايرانية في أدنى درجات الفقر والعوز والأمراض ناهيك بعشرات آلاف القتلى.

 

ولا بدّ من ذكر لبنان الذي يعتبره المسؤولون الايرانيون أحد البلدان الأربعة التي يمدّون سيطرتهم عليها، وبالفعل فقد أدّى الدور الايراني في لبنان، عبر «حزب الله»، الى تحويل لبنان من بلد مزدهر، آمن، مستقر إقتصادياً ومالياً، الى بلد يفتقد أدنى مقوّمات الصمود، فدفع لبنان الى مواقف تتعارض والموقف العربي العام ما أدّى الى «تهشيل» السياح العرب العمود الفقري للسياحة التي هي أحد أعمدة اقتصادنا، وإلى تراجع النمو من نحو ٩٪ الى صفر في المئة… وإلى شبه عزلة عربية وعالمية، وإلى عقوبات دولية على «حزب الله» تنعكس مزيداً من الضغط على الاقتصاد اللبناني وعلى معيشة اللبنانيين الذين كانوا في بحبوحة، وإلى هبوط مروّع في العملة الوطنية…

 

هذه هي حال البلدان العربية الأربعة التي يفاخر الايراني بأنه يسيطر على القرار فيها…

 

واليوم يحصد النظام الايراني ما زرعه… فها هو العراق في انتفاضة شعبية عارمة مباشرة ضدّ إيران قوامها الشيعة العراقيون العرب، وها هي سوريا تتفلت من يد إيران بينما الهيمنة الحقيقية عليها باتت في أيدي الآخرين خصوصاً روسيا… وأمّا اليمن فبدأ يعزل النفوذ الايراني تدريجاً خصوصاً بعد «اتفاق الرياض» بين الأطراف التي تجمع على أمر واحد هو رفض الهيمنة الايرانية، وأمّا لبنان فالثورة فيه كشفت الكثير من المستور وإن كانت مظلتها المطالب والحقوق الشعبية.

 

والأهم من هذا كلّه أنّ الحراك الكبير قد انطلق الى عقر دار نظام ولاية الفقيه في إيران ذاتها حيث الثورة انطلقت بقوة رغم القمع الشديد وسقوط القتلى والجرحى يومياً.

 

عوني الكعكي