Site icon IMLebanon

تقهقر مشروع ولاية الفقيه  

 

يبدو أنّ مراهنة مشروع ولاية الفقيه على تشيع أهل السنّة قد بدأ بالتقهقر والفشل لسبب بسيط أنّ هذا المشروع بدأ بالسقوط ولكن على يد الشيعة العرب، كما يظهر من التطورات في العراق، وأنه بعد ١٧ سنة حكماً في العراق منذ أن غزاه الاميركيون عام ٢٠٠٣ واحتلوه وحلّوا الجيش العراقي، عندما قرر الحاكم العسكري الاميركي للعراق بول برايمر حل الجيش العراقي، وهذا كان أول قرار يأخذه الاميركي، وهكذا رمى بمليون ونصف مليون ضابط وعسكري مع أسلحتهم في الشارع من دون رواتب أو تعويضات أو تقديمات صحية أو إجتماعية أو تعليمية… وبالرغم من تسليم العراق الى الايرانيين على طبق من فضة الا ان  السرقات والفساد والتسلّط والنكايات استفحلت، والأهم التنكيل بأهل السنّة على أيدي الميليشيات التي أنشأها اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري.

 

اليوم التظاهرات تعم المدن العراقية وبالأخص الشيعية مثل كربلاء والنجف والبصرة… إضافة طبعاً الى العاصمة بغداد، وأنّ الزعماء الدينيين أمثال مقتدى الصدر والمرجعية آية الله السيستاني إنقلبوا على مشروع ولاية الفقيه… وبكل بساطة فقد تبيّـن أنّ الجهود كلها التي بذلت والأموال التي سرقت من النفط العراقي وأنفقت على إنشاء ميليشيات طائفية عديدة أبرزها: عصائب أهل الحق، وجيش المختار ولواء أبو الفضل العباس، وفيلق بدر، وجيش المهدي (…).

 

هذه الميليشيات كلها لم تستطع أن تقنع الشعب العراقي بمشروع ولاية الفقيه لأنّ العراقي بالنسبة إليه وطنه العراق أهم بكثير من الطائفية البغضاء، والعراقيون وطنيون وانتماؤهم الى العروبة أهم بكثير من إنتمائهم الى الفرس، الذين يعتبرونهم أعداء للعرب.

 

هذا في العراق، والمحطة الثانية لبنان، دخلوا الى لبنان بحجة محاربة إسرائيل، ودعم الشيعة… نعم! فقط الشيعة حيث أنشأوا تنظيماً يؤمن بمشروع ولاية الفقيه كما يردد دائماً ومنذ سنتين السيّد حسن نصرالله أمين عام «حزب الله»… ولا يوجد لبناني واحد إلاّ ويقدّر التضحيات التي قدمها «حزب الله» في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، وكانت المرة الأولى التي تنسحب إسرائيل من أرض عربية جراء الخسائر البشرية التي تكبدتها في لبنان.

 

ولكن، في الحقيقة، لم يفهم الايرانيون أنّ مشروع ولاية الفقيه لن يستطيع أن ينجح لأنّ أهل الشيعة ليسوا كلهم مع مشروع ولاية الفقيه وبالأخص أنّ المرجعية بالنسبة لهم هي النجف وفي جبل عامل وليس في قم، وهذا ما لا يريد أن يفهمه الايرانيون، وقد تبيّـن أنّ الأموال كلها التي وصلت الى نحو ٧٠ مليار دولار أنفقوها على مشروع ولاية الفقيه، وتبيّـن أنّ قسماً كبيراً من الشيعة ضد مشروع ولاية الفقيه، وهكذا منيت إيران بهزيمة كبرى، وكان زعماؤها يرددون وبالأخص المرشد آية الله علي خامنئي أنّ إيران تسيطر على أربع عواصم عربية وهي بغداد وهذا غير صحيح، وبيروت (لبنان) وأيضاً هذا غير صحيح، أما صنعاء (اليمن) فبعد الاتفاق الأخير يبدو أن الحوثيين لم يستطيعوا أن يحققوا مشروع ولاية الفقيه… أما الطامة الكبرى فهي دمشق (سوريا) إذ لم يبقَ لهم في سوريا إلاّ النظام العلوي المتمثل في الرئيس الصوري للنظام السوري الذي لا يحكم إلاّ صورياً، إذ أنّ القرار في سوريا مقسّم بين الروس الذين احتلوا قاعدتين في طرطوس وفي بانياس ومرفأ اللاذقية وقاعدة حميميم الجوية، وأمس بالذات أقاموا قاعدة جديدة في القامشلي لطائرات الهليكوبتر… وهكذا أصبحت الكلمة العليا في سوريا للروسي يشاركه بقسم آخر الاميركي في شمال سوريا، وكذلك التركي الذي يحتل منطقة الحسكة ودير الزور… وهناك أربعة ملايين مواطن سوري لاجئون في تركيا، طبعاً بدأ ينقلهم النظام التركي الى مناطق الأكراد داخل الحدود السورية.

 

نعود لنقول إنه كما ذكرت في بداية المقال كيف جرى التقهقر لمشروع ولاية الفقيه بالرغم من صرف مئات المليارات عليه. والسؤال هنا لو صرفت هذه الأموال على الاقتصاد الايراني حيث كان التومان أيام الشاه كل دولار يساوي ٥ تومان أما اليوم فأصبح كل دولار يساوي ١٢٠ ألف تومان… لا أريد أن أذكر كيف كانت إيران أيام الشاه: مصانع سيارات، أهم دولة في المنطقة، أقوى جيش في المنطقة، حيث كان الخط الدفاع الاول لأميركا ضد الروس، أين إيران اليوم؟

 

أخيراً وقريباً جداً سوف ينتقل هذا الحراك الشعبي الذي بدأ في العراق وانتقل الى لبنان سينتقل بإذن الله الى طهران.

 

عوني الكعكي