Site icon IMLebanon

ضعف العدوّ»: سيناريو البحر يتكرّر براً | إسرائيل تعرض الغجر والنقاط الحدودية مقابل… خيمة!

 

في تطوّر لافت، أبلغ الوفد العسكري الإسرائيلي إلى الاجتماع الثلاثي في مقر قيادة اليونيفل، في الناقورة أمس، مندوب لبنان وقيادة اليونيفل استعداد العدو للسير في تحديد كامل الحدود البرية مع لبنان، وللانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر مقابل إزالة حزب الله الخيمتين اللتين نصبهما في منطقة مزارع شبعا.

 

 

صورة جوية لمنطقة قرية الغجر والنطاق العقاري لبلدة الماري، حيث يظهر حجم الخرق في الجانب اللبناني من الحدود، وهي واحدٌ من مستندات الدولة اللبنانية في مفاوضات تثبيت الحدود البرية.

 

وعلمت «الأخبار» أنه تمّ إطلاع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقيادتَي الجيش والمقاومة على العرض الإسرائيلي الذي جرت عمليات تدقيق في فحواه، خصوصاً أن البعض فهم أن العدو مستعدّ لإخلاء المناطق الزراعية الخالية من السكان الواقعة في خراج بلدة الماري، لا المنطقة التي تضمّ منشآت لسكان القرية. غير أن مصدراً قريباً من قيادة القوات الدولية في الناقورة أكّد أن الإسرائيليين يتحدّثون عن كل المنطقة اللبنانية المحتلة شمال بلدة الغجر.

وبحسب المعلومات، فإن المناقشات التي قالت قيادة القوات الدولية إنها ستتابعها في الأيام المقبلة، تستهدف وضع آلية لتنفيذ المقترح الإسرائيلي، على أن تتم مناقشته في اجتماع ثانٍ قريباً، خصوصاً أن النقاش يتعلق بكل النقاط البرية بما فيها نقطة b1 في رأس الناقورة، والتي من شأن اعتمادها تحرير ما تبقّى محتلاً من المياه الإقليمية اللبنانية جنوب خط الطفافات، وهو ما جرى تجاوزه خلال عملية تحديد الحدود البحرية قبل نحو عام.

وبعد نشر «الأخبار» مساء أمس خبراً مقتضباً عن العرض الإسرائيلي، انطلقت في كيان العدو حملة إعلامية وسياسية تنتقد حكومة بنيامين نتنياهو، ما أثار انزعاج قادة جيش العدو وقيادة اليونيفل الذين افترضوا أن الأمر سيبقى سرياً، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي أشار إلى أن المناخ العام في إسرائيل سيكون معرقلاً لقرار بهذا الحجم، متوقّعاً تعرّض الحكومة لحملة كبيرة على غرار ما حصل مع الحكومة السابقة لدى توقيعها اتفاق الترسيم البحري.

 

ومساء أمس، رُصد تفاعل إعلاميين ومراقبين في كيان الاحتلال مع الخبر، وأجمعت التعليقات على الهزْء بحكومة وجيش الاحتلال، واعتبار ما يحصل نصراً جديداً لحزب الله. وقال أحد المعلّقين: «هذا خضوع مخجل من قبل حكومة اليمين»، فيما أشار آخر إلى أن «المعادلة مع حكومة اليسار كانت: أرض مقابل سلام، ومع حكومة اليمين هي: أرض مقابل خيمة». وعلّق ثالث بأنه «للمرة الأولى في التاريخ يحصل أن تحتل جهة أرضاً بواسطة خيمة»، فيما اعتبر أحد المعلّقين أن «الأكيد أن نصرالله يضحك الآن بصوت مرتفع».

 

ما قبل الخضوع

وبمعزل عمّا ستؤول إليه المحادثات أو الخطوات حول الأمر، يأتي وصول قيادة الاحتلال إلى هذه الخلاصة إثر فشل كل محاولات الترهيب والتهديد السابقة، وبعد التثبّت من عدم قدرة العدو على تحمّل تبعة شنّ عملية عسكرية ضد الخيمتين.

 

وكانت مجموعات من المقاومة الإسلامية، تقدّمت داخل الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا، منتصف حزيران الماضي، ونصبت خيمتين، إحداهما جنوب خط الانسحاب والثانية شماله. وأعلن العدو حينها أن حزب الله نصب خيمتين في منطقة تتبع لـ«السيادة الإسرائيلية»، وأبلغت تل أبيب قيادة قوات اليونيفل في الجنوب، وفرنسا، أن جيشها سيبادر إلى إزالة الخيمتين بالقوة ما لم يسارع الجميع إلى إقناع حزب الله بالتراجع. وانطلقت حملة تهويل على المقاومة بمشاركة كل الأطراف التي لجأ العدو إليها، إلى حدّ ورود اتصال من مسؤول في الأمم المتحدة إلى قيادة الجيش اللبناني محذّراً بالقول: «أمامكم عدة ساعات قبل أن يهاجم الجيش الإسرائيلي الخيمتين». وبعد اتصالات مع قيادة المقاومة كان الرد: «فلينفّذ العدو تهديده، لكن عليه أن يستعد لرد فوري وقاسٍ. وأُتبع الرد بكلام واضح عبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شخصياً، وتكرّر في رسائل غير معلنة، وكان الأساس فيه أن المقاومة مستعدّة لخوض حرب واسعة إذا لزم الأمر.

 

أجمعت التعليقات في إسرائيل على اعتبار ما يحصل نصراً جديداً لحزب الله

 

 

العدو الذي فوجئ بالرد، عمل على «تمديد مهل الإنذار». وبعد تعرّض حكومة بنيامين نتنياهو لهجوم إعلامي وسياسي، ناقش جيش الاحتلال الخيارات، وكانت التوصية للحكومة بعدم السير في تهديدات تقود إلى حرب يريدها حزب الله الآن. ووصل الأمر إلى حدّ ظهور قيادات عسكرية إسرائيلية بارزة تتحدث عن الخيمتين باعتبارهما لا تمثلان أي خطر على أمن إسرائيل. فيما جعل الضغط الإعلامي والسياسي جيش الاحتلال موضع سخرية، حتى إن الموفد الأميركي عاموس هوكشتين أكّد خلال لقاءاته في بيروت، أخيراً، أن تل أبيب مهتمة جداً بإزالة الخيمتين، ومستعدّة لدفع ثمن مقابل ذلك. وعندما استوضحه البعض عن خلفية الأمر أجاب بصراحة: «الجيش الإسرائيلي بات مُهاناً في نظر الجمهور في إسرائيل وهو أمر لا يحصل عادة»!

الخيمتان تمثلان بالنسبة إلى العدو خطوة في سياق يقول جيش الاحتلال واستخباراته العسكرية وأجهزته الأمنية، إن حزب الله يريد من خلاله الدفع نحو مواجهة شاملة. ويعتبر قادة العدو أن لدى الحزب «ثقة كبيرة بالنفس، وهو يلجأ إلى خطوات على الأرض تُظهِر ذلك». ورغم أن قادة العدو كانوا يردّون برفع سقف التهديدات، لكنّ رسائلهم عبر القنوات الدبلوماسية كانت تقول صراحة بأنهم لا يريدون الحرب، لكنهم غير قادرين على تحمّل السياسة المتّبعة من حزب الله، خصوصاً أن العدو يربط بين إستراتيجية المقاومة هذه، وما يجري داخل فلسطين المحتلة من تطوّر المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال في الضفة الغربية.

 

 

الغجر… نقطة المثلّث السوري – اللبناني – الفلسطيني

كانت بلدة الغجر قبل عقود أقرب إلى مزرعة منها إلى قرية كبيرة. احتلّها العدو عام 1967 باعتبارها جزءاً من الجولان. وهي تُعدّ نقطة استراتيجية، كونها الأقرب إلى كونها نقطة تقاطع على مثلث الحدود الفلسطينية – اللبنانية – السورية.

بعد احتلالها، هاجر عدد من أهلها إلى دمشق شأنهم شأن كثيرين من أبناء الجولان، وبقي فيها أقل من 400 شخص عملوا في الزراعة.

 

عَمود وضعته الاستخبارات العسكرية لقوات الاحتلال، وثبّتت عليه كاميرا مراقبة متطوّرة يصل مداها إلى أكثر من عشرين كيلومتراً، وهي موصولة بغرفة عمليات داخل القرية وأخرى في قيادة عمليات الجبهة الشمالية. (صور خاصة بـ«الأخبار»)

 

آخر أحياء الغجر المدنية الملاصق للسياج، وفيه تخفّ حركة السكان ويقوم العدو بإجراءات مشدّدة لمنع أي احتكاك مع الجهة اللبنانية ولمنع ما يقول بأنّه تهريب للسلاح إلى الفلسطينيين في الضفة عبر هذه القرية. (صور خاصة بـ«الأخبار»)

 

ومع الوقت تكاثر هؤلاء وتوسّعت المساحة السكانية التي كانت العمارة فيها مشابهة للعمارة في القرى العربية، لكنّ العدو، حصر البناء ضمن بقعة جغرافية واحدة على ما يفعل في المستوطنات. وبعد اجتياح 1978، توسّع العمران باتجاه الحدود اللبنانية المعروفة وفقاً لترسيم الاستعمار عام 1923. وبعد إعلان العدو ضمّ الجولان مطلع الثمانينيات، خُيّر سكان الغجر بين الحصول على الجنسية الإسرائيلية أو إبعادهم عن أراضيهم وترك مصيرهم لإدارة جيش العملاء في الشريط الحدودي المحتل بقيادة العميل سعد حداد آنذاك. بعد اجتياح 1982، توسّع العمران أكثر في المناطق اللبنانية المحتلّة واستمر على هذا النحو، حتى التحرير في عام 2000، عندما دار جدل حول القرية، اذ انسحب العدو من القسم اللبناني، من دون أن يملأ الجيش اللبناني الفراغ هناك. وتبيّن أن العدو أصرّ على أن تبقى المنطقة تحت إشراف الأمم المتحدة نظراً إلى تعقيدات تتصل بالأهالي المقيمين فيها. لكنّ الجميع هناك يعرف أن القوات الإسرائيلية لم تعد تتواجد بالشكل المتعارف عليه كما بقية المناطق، وأن هناك قوات خاصة للعدو تتحرّك في المنطقة بلباس مدني، وتقيم نقاط مراقبة دائمة ومتحرّكة.

خلال حرب تموز 2006، عاد العدو إلى احتلال الجزء الشمالي وأقام سياجاً تقنياً طويلاً، وتذرّع بأن القرية تُستغل في عمليات تهريب المخدّرات والسلاح من لبنان، وبأن حزب الله سبق أن استعملها في هجوم عسكري عام 2005. منذ يومها صار القسم الشمالي من البلدة، والذي يقع ضمناً في النطاق العقاري لبلدة الماري، خاضعاً لمندرجات القرار 1701.

 

في الفترة الأخيرة، أقام العدو جداراً ضخماً طوّق البلدة من الجهة اللبنانية، ومنع الاقتراب من المنطقة، فعاد التواصل بشكل كامل بين أبناء الأحياء الجنوبية والشمالية حيث يعيش أقل من 3 آلاف مدني. وفي الجانب اللبناني، توجد مواقع خاصة لقوات الأمم المتحدة التي أقفلت أحد الطرقات الرئيسية القريبة من السياج بحجّة منع الاحتكاك، كما توجد قرب الموقع الدولي نقطة عسكرية تابعة للجيش اللبناني.